تجعل الانسان يستبد برأيه مع أنه حقيقة الفقر والاحتياج وان الاستبداد المطلق هو من الصفات الإلهية . أما بني البشر فهم الفقر المطلق والحاجة المطلقة ، ولا يكون معصوماً عن الخطأ إلا من عصمه الله عز وجل ، فالنبي والإمام مع أن لهم هذه الخصوصية إلا إنهم أرادوا تعليم وتربية أمتهم على عدم الاستبداد بالرأي وأنّ بالمشاورة يمكن الوصول إلى أرجح الآراء ومعالجة المشكل من كافة جوانبه ، فيقلّ فيه احتمال الخطأ . ومنها : ان الاستشارة تؤدي إلى إفشال ما يقوم به المعارضون والمنافقون حيث إنهم يستغلون الغموض الذي يكون في القرارات والأحكام للتلبيس على الأمة ، فالاستشارة تؤدي إلى رفع ذلك الغموض بحيث يكون ملابسات الحكم وخلفياته واضحة معروفة . فهذه الحِكَم وغيرها التي تظهر بالتأمل يتضح ان لا لغوية في البَين وهي حكم ومصالح مهمة في نفسها يهتم بها الشارع ومن أجلها يكون تشريع الاستشارة والحث عليها . وسوف يأتي مزيد بيان لهذه النقطة في البحث العقلي . فاتضح من خلال هذه الوجوه الأربعة أن المستدل إذا استدل بالآية الكريمة على لزوم رأي الأكثرية من اصطلاح ( الشورى وشاورهم ) فهو غير دال على ما ذكر . أما إذا استدل على مراده من خلال بيان ان الولاية هي للمجموع فإنه لم يقم الدليل عليه ونفس الآيتين لا تثبتان موضوع نفسهما . كما تقدم بيانه بل يجب أن يقيم دليلاً آخر على أن هذا الأمر والشأن هو لمجموع الأمة وحينئذ يكون لهم الولاية . والمستدل يستفيد من هذه المغالطة في الاستدلال بالآية الكريمة . الوجه الخامس : لو أغمضنا العين عن حقيقة معنى الشورى ، وسلمنا أنها بمعنى الإرادة والولاية