النقطة الثانية : من المسلّمات التي لا يختلف فيها اثنان ، ان ابن آدم يتكون من بدن وروح ، ومنذ بداية نشأة الإنسان على هذه الأرض تتنازعه هاتان الجنبتان . فنرى أفرادا يتغلب عندهم الجانب البدني فتسيطر عليهم المادة ويتخيل الفرد أن كمالاته تتحقق في اتباع كمالات وشهوات بدنه ، وفي الجانب المقابل نرى افرادا يتغلب الجانب الروحي لديهم فيوغلون في الرياضات الروحية ويُميتون حاجة أبدانهم ليرتقوا بأرواحهم في سُلّم السعادات وهم أصحاب النزعات الباطنية . وباستعراض سريع لتاريخ البشرية يتضح لنا أن الأغلب والأكثر هم اتباع القسم الأول ، الذي سيطر الجانب المادي والبدني عليهم ، فعانت البشرية من مشاكل كثيرة وذلك لأن تغلب هذا الجانب سوف يواجه صعوبات في ايجاد واثبات الاتصال بين السماء والأرض ، حيث يفقد المقاييس والضوابط التي في الجانب الروحي ، ويحكم ضوابط ومقاييس الجانب البدني عليها مما يولد مشكلات عدة . والإسلام والديانات بشكل عام تسعى إلى ايجاد التوازن بين هذين الجانبين في الإنسان وعدم طغيان أحدهما على الآخر . فالدهريون منذ زمن الرسالة المحمدية إلى المدارس العصرية في زماننا هذا يحملون نفس الهاجس وهو سيطرة الجانب البدني وعدم الاعتراف بالضوابط والمقاييس الروحية . توازن قوى الانسان ومن خلال الآيات القرآنية نستطيع ان نتلمس بعض المظاهر لسيطرة هذا الجانب . * ( قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمنُ مِن شَيْء إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ ) [1] :