الماء الماء ، يا رسول الله . فقال لأبي هريرة : هل معك من الماء شئ ؟ قال : كقدر قدح في ميضاتي ، قال : هلم ميضاتك فصب ما فيه في قدح ودعا وأوعاه ، وقال : ناد : من أراد الماء ! فأقبلوا يقولون : الماء يا رسول الله . فما زال يسكب وأبو هريرة يسقي حتى روي القوم أجمعون ، وملؤوا ما معهم ، ثم قال لأبي هريرة : إشرب ، فقال : بل آخركم شرباً ، فشرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . 28 . ومن ذلك : أن أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري مرَّت به أيام حفرهم الخندق فقال لها : إلى أين تريدين ؟ قالت : إلى عبد الله بهذه التمرات ، فقال : هاتيهن ، فنثرت في كفه ، ثم دعا بالأنطاع وفرقها عليها وغطاها بالأزر ، وقام وصلى ، ففاض التمر على الأنطاع ثم نادى : هلموا وكلوا . فأكلوا وشبعوا ، وحملوا معهم ، ودفع ما بقي إليها ! 29 . ومن ذلك : أنه كان في سفر فأجهدوا جوعاً فقال : من كان معه زاد فليأتنا به . فأتاه نفر منهم بمقدار صاع ، فدعا بالأزر والأنطاع ، ثم صفف التمر عليها ، ودعا ربه فأكثر الله ذلك التمر ، حتى كان أزوادهم إلى المدينة ! 30 . ومن ذلك : أنه أقبل من بعض أسفاره فأتاه قوم فقالوا : يا رسول الله ، إن لنا بئراً إذا كان القيظ اجتمعنا عليها ، وإذا كان الشتاء تفرقنا على مياه حولنا ، وقد صار من حولنا عدواً لنا فادع الله في بئرنا ، فتفل ( صلى الله عليه وآله ) في بئرهم ففاضت المياه المغيبة ، فكانوا لا يقدرون أن ينظروا إلى قعرها بعدُ من كثرة مائها ! فبلغ ذلك مسيلمة الكذاب فحاول ذلك في قليب قليل ماؤه ، فتفل الأنكد في القليب ، فغار ماؤه وصار كالجبوب !