الشيخين ، ولكن يطعنون في عثمان وطلحة والزبير وعائشة ، وينسبونهم إِلى الكفر ، ويرون أن الإمامة شورى ، وتنعقد بعقد رجلين من خيار الأُمّة ، وأجازوا إِمامة المفضول مع وجود الأفضل وزعموا أَن الأمّة تركت الأصلح في البيعة لما بايعوا أبا بكر وعمر ، وتركوا عليّاً عليه السّلام لأن عليّاً كان أولى بالإمامة منهما ، إِلا أن الخطأ في بيعتهما لا يوجب كفراً ولا فسقاً [1] . ومن ههنا نستظهر أن ما ينسب إِلى الزيديّة من الدعوى بأن الإمامة لا تثبت في غير أولاد فاطمة إِنما هو فيمن بعد زيد من القائمين بالسيف . كما أنّنا لا نعرف وجهاً في عدّ هاتين الفِرقتين في عداد فِرق الشيعة . الجاروديّة : ومنهم ( الجاروديّة ) نسبة إِلى زياد بن المنذر أبي الجارود السرحوب الأعمى الكوفي ، وقد يسمّون السرحوبيّة ، وقيل : إِن السرحوب اسم شيطان أعمى يسكن البحر فسمّي أبو الجارود به ، وكان أبو الجارود من أصحاب الباقر والصادق عليهما السّلام ، ولمّا خرج زيد تغيّر ، وجاء عن الصادق عليه السّلام لعنه وتكذيبه وتكفيره ومعه كثير النوى وسالم بن أبي حفصة وجاء فيه أيضاً أعمى البصر أعمى القلب [2] . والجاروديّة يرون أن الناس قصّروا في طلب معرفة الإمام لأنه كان بإمكانهم معرفته ، بل كفروا حين بايعوا أبا بكر ، فهم لا يرون إِمامة الخلفاء الثلاثة ، بل يرون كفرهم ، حيث ادّعوا الإمامة ولم يبايعوا عليّاً عليه السّلام [3] .
[1] الفَرق بين الفِرَق : ص 23 : والمِلل على الفصل : 1 / 164 . [2] انظر ترجمته في كتب الرجال . [3] الفَرق بين الفِرَق : ص 22 ، والملل على هامش الفصل : 1 / 163 .