بثأر القتلى من أهل البيت ، وهل قتل بسيف الأمويّين غير الطالبيين ؟ وهل لقي الشِدَّة والضيق من الأمويين غير العلويين ؟ ولئن لاقى سواهم من الهاشميّين شيئاً من ذلك فلا يشبه ما حلَّ بآل أبي طالب . ندب العبّاسيّون الناس لطلب الثأر بل ندبهم الناس إليه ، وكانت هذه أمضى وسيلة لنيل أربهم ، فما استقرَّت أقدامهم في حظيرة المُلك إلا وراحوا يتتبعون آل الرسول صلّى اللّه عليه وآله فكأن العترة هم الذين جنوا في تلك الحوادث القاسية يوم الطفّ ، وسبوا عقائل النبوة ، وأنزلوا بزيد ويحيى وغيرهما هاتيك الفظائع المؤلمة ، وكأنّما القتلى والأسرى كانت من بني العبّاس والجناة عليهم العلويّون ، وكأن لم يكن العلويّون هم الذين نهض الناس انتقاماً لهم ، وللأخذ بتراثهم . ما انجلت الحوادث عن طرد الأمويّين إلا وأهل البيت صرعى تلك الحوادث بدلاً من أن ينالوا العطف من بني العبّاس لما حلَّ بهم من فواجع دامية من الأمويّين ، ولما ناله العبّاسيّون أنفسهم من المُلك الفسيح بهم . هكذا انجلت الغبرة بعد استلام العبّاسيّين أزمة الحكم ، فما نسيت الناس حوادث أهل البيت من الأمويّين حتى كانت المقارع على رؤوسهم من بني العبّاس يتبع بعضها بعضاً من دون رحمة ، ولا هوادة ، ولا فترة ، لماذا هذا كلّه ، ولماذا كان أهل البيت دون غيرهم بيت المصائب والنوائب ؟ فلنبحث عن السبب في الفصل الآتي . . .