له الأُمّة ، وهمّ المنافسة على العرش من بني علي ، العرش الذي لم ترسخ أُسسه بعد ، ولم تثبت قوائمه ، وما أسرع ما يميد إذا عصفت أعاصير الوثبات عليه ، ولم يسترح بعد من همّه الأوَّل حتى أقلقه الثاني ، وكيف يأمن من العلويّين ، وأبو عبد اللّه الصادق عليه السلام إمام مفترض الطاعة عند شطر من هذه الأمّة ، وعند كثير من أجنادهم الذين قلبوا بهم عروش بني مروان ، وهل قتلوا أبا سلمة الخلال إلا لأنهم أحسّوا منه أنه يريدها لبني علي ، وأن البيعة للسفّاح كانت بالغلبة عليه وإعجاله عليها . وكيف يأمن ألا ينافسه العلويّون ومحمّد بن الحسن كانت له البيعة يوم الأبواء ، وهو الذي صفّق السفّاح والمنصور بيديهما على يده ، وهو الذي كان المؤهَّل للعرش الذي وثبوا عليه ، وما زالت تلك الأماني تخالج نفسه ولأيّ شيء اختفى يوم ظهر السفّاح ؟ أليس الليث قد يربض للوثبة ؟ حاول ابن عبّاس أن يستريح من هذا الهمّ فأرسل خلف الصادق عليه السلام إلى الحيرة ليوقع به وإن لم يظهر ما يتخوّفه على سلطانهم ، فلما وصلها ضيَّق عليه ، ولكن لمّا لم يجد عنده هاتيك المخاوف سرَّحه إلى المدينة راجعاً والهواجس تساوره . ثمّ صار يتطلّب ابني عبد اللّه بن الحسن ، وهما مختفيان خوفاً من بطشه وكلّما جدَّ في العثور عليهما جدّا في الاختفاء . انقضى دور السفّاح القصير والصادق عليه السلام وادع في المدينة وابنا الحسن خلف ستور الخفاء ، وما جاءت أيام المنصور إلا واشتدَّ على العلويّين ، فما ترك الصادق يقرُّ في دار الهجرة بل صار يجلبه إليه مرَّة بعد أخرى ويلاقيه بالإساءة عند كلّ جيئة ، ويهمّ بقتله في كل مرَّة ، وما زال معه على هذه الحال إلى أن قضى عليه بالسمّ . وأما محمّد وإبراهيم فكان يفحص عنهما بكلّ ما أوتي من حول وحيلة فكان