وكفت كثرة رواته والرواية عنه ، ولقد كتب عن رواته جملة من المؤلّفين وذكروا أن عددهم أربعة آلاف أو يزيدون ، ومن المؤلّفين ابن عقدة [1] ، فإذا كانت الرواة عنه أربعة آلاف فكم كانت الرواية ؟ وإذا كان راوٍ واحد يروي عنه ثلاثين ألف حديث فكم تكون رواية الباقين ؟ وكم هي العلوم والمعارف التي أسندت إليه ؟ وجملة القول أن الصادق عليه السّلام إِنما عرف بأنه مذهب تنتسب إليه الإماميّة والجعفريّة ، لما انتشر عنه من العلم وحفظ منه من الحديث حتّى أن أكثر ما في كتب الحديث الشيعيّة مرويّ عنه . وما كانت الرواية عنه مقصورة على الشيعة بل أخذ عنه أكابر معاصريه من أهل السنّة ، ومنهم مالك وأبو حنيفة والسفيانان وأيوب وابن جريح وشُعبة وغيرهم ، بل أرجع ابن أبي الحديد فقه المذاهب الأربعة إليه ، كما في شرح النهج : ( 1 / 6 ) . وكان انتساب الشيعة إليه من عهده ، وهو القائل في وصاياه لأصحابه : فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدّى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل : هذا جعفريّ ويسرّني ذلك ، وإِذا كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره وقيل : هذا أدب جعفر [2] .
[1] هو أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي ، وكان زيديّاً جاروديّاً ، وشأنه في الجلالة والوثاقة وكثرة الحفظ معروف مشهور ، وقد حكي عنه أنه قال : أحفظ مائة وعشرين ألف حديث بأسانيدها وأذاكر بثلاثمائة ألف حديث ، وله كتب كثيرة منها كتاب أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق عليه السلام وهم أربعة آلاف رجل ، وأخرج فيه لكلّ رجل الحديث الذي رواه ، ولم يُعرف اليوم كتابه في الوجود ، مات بالكوفة عام 233 . [2] الكافي : 2 / 636 / 5 .