كيف صار مذهباً ؟ إِن المذهب في عرف أهل الاسلام هو المرجع في أحكام الدين ، وهذا لا يقتضي أن يكون الصادق عليه السّلام دون الأئمة الاثني عشر مذهباً ، لأن الشيعة الإماميّة ترى أن كلّ إِمام من أولئك الأئمة من عليّ أمير المؤمنين إلى الغائب المنتظر يجب الأخذ بقوله والعمل برأيه ، لأن علمهم - كما يرون - علم واحد موروث من الرسول صلّى اللّه عليه وآله لا يختلفون في أخذه ولا يروون عن غيره ، وعلمهم سلسلة واحدة يرثه الابن عن أبيه من دون اجتهاد فيه ولا تحريف في أخذه ونقله . بيدَ أن الفرص لم تسنح لواحد منهم في إِظهار ما استودعهم الرسول صلّى اللّه عليه وآله وإِبلاغ ما استحفظهم عليه ، كما سنحت للصادق جعفر عليه السّلام فإن الذي ساعد على بثّه للمعارف ونشره للعلوم الموروثة لهم من سيّد الرسل صلّى اللّه عليه وآله اجتماع عدّة أمور : 1 - إن زمن استقلاله بالإمامة قد طال حتّى جاوز الثلاثين عاماً ، ولئن كان جدّه زين العابدين وابنه موسى الكاظم وحفيده عليّ الهادي عليهم السّلام قد شاركوه في طول الزمن ، وكانت أيام إِمامتهم تجاوزت الثلاثين عاماً أيضاً فإنه لم يتّفق لهم ما اتّفق له ممّا يأتي .