ومن آثار مجيئه إِلى العراق إِشادته لموضع قبر أمير المؤمنين عليه السّلام ودلالته خواصّ الشيعة عليه ، وكان أكثرهم لا يعلمون موضعه على اليقين ، سوى أنه على ظهر الكوفة في النجف لأن أولاده جهدوا في إخفائه خوفاً من أعدائه فصارت الشيعة تقصده زائرين ، وكان الصادق عليه السّلام يصحب في كلّ زيارة بعض خواصّ أصحابه ، وهو الذي أمر صفوان بن مهران الجمّال بالبناء عليه . وقد ذكر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي في كتاب التهذيب ، في كتاب المزار منه ، في باب فصل الكوفة عدّة زيارات للصادق عليه السّلام . كما ذكر مثل ذلك الشيخ الكليني طاب ثراه في الكافي ، والسيد ابن طاووس في فرحة الغري ، والمجلسي في مزار البحار وهو الجزء الثاني والعشرون ، والشيخ الحرّ العاملي في وسائل الشيعة في كتاب المزار الجزء الثاني إلى كثير غيرهم . ونحن نورد لك بعض تلك الزيارات والدلالات منه ، قال الشيخ أبو جعفر الطوسي : إِن الصادق عليه السّلام زار قبر أمير المؤمنين عليه السّلام عدّة مرات ، منها يوم أقدمه السفّاح الحيرة ، ومنها ما يرويه عبد اللّه بن طلحة النهدي [1] يقول : دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام - ثمّ قال - فمضينا معه حتّى انتهينا إِلى الغري فأتى موضعاً فصلّى فيه . وذكر أيضاً مجيئه مرّة أخرى من الحيرة ومعه يونس بن ظبيان [2] ودعا عند القبر وصلّى وأعلم يونس أنه قبر أمير المؤمنين عليه السّلام بعد أن كان يونس
[1] عربي كوفي روى عن الصادق عليه السلام ، وروى عنه جماعة من الثقات مثل علي بن إسماعيل الميثمي ومحمّد بن سنان وابن محبوب . [2] الكوفي ممّن روى عن الصادق عليه السلام وجاءت فيه روايات قادحة وأخرى مادحة ، ولكن روى عنه جماعة كثيرة من الثقات ، وبعضهم من أصحاب الاجماع .