بكتاب المنصور ، وقال له : اعمل في المسير إِلى أمير المؤمنين في غد ولا تتأخّر ، قال صفوان : وكنت بالمدينة يومئذٍ فأنفذ إليّ جعفر عليه السّلام فصرت إليه فقال لي : تعهّد راحلتنا فإنا غادون في غد إِن شاء اللّه إِن العراق ، ونهض من وقته وأنا معه إِلى مسجد النبي صلّى اللّه عليه وآله وكان ذلك بين الأولى والعصر فركع فيه ركعات ، ثمّ رفع يديه فحفظت يومئذٍ من دعائه : " يا من ليس له ابتداء ولا انتهاء [6] يا من ليس له أمد ولا نهاية " الدعاء . قال صفوان : فلمّا أصبح أبو عبد اللّه عليه السّلام رحلت له الناقة وسار متوجّهاً إِلى العراق حتّى قدم مدينة أبي جعفر [1] وأقبل حتّى استأذن فأذن له ، قال صفوان : فأخبرني بعض من شهده عند أبي جعفر ، قال : فلما رآه قرَّبه وأدناه ، ثمّ استدعى قصّة الرافع على أبي عبد اللّه عليه السّلام ، يقول في قصّته : إِن المعلّى بن خنيس مولى جعفر بن محمّد يجبي له الأموال من جميع الآفاق ، وإِنه مدَّ بها محمّد بن عبد اللّه ، فدفع إليه القصّة فقرأها أبو عبد اللّه فأقبل عليه المنصور فقال : يا جعفر بن محمّد ما هذه الأموال التي يجبيها لك المعلّى بن خنيس ؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : معاذ اللّه من ذلك يا أمير المؤمنين ، قال له : ألا تحلف على براءتك من ذلك بالطلاق والعتاق ، قال : نعم أحلف باللّه إنه ما كان من ذلك شيء ، قال أبو جعفر : لا بل تحلف بالطلاق والعتاق فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : أما ترضى بيميني باللّه الذي لا إِله إِلا هو ، قال له أبو جعفر : لا تتفقّه عليّ ، فقال أبو عبد اللّه : وأين يذهب بالفقه مني يا أمير المؤمنين [2] قال له : دع عنك هذا
[6] ولا انقضاء في نسخة . [1] وهي بغداد ، وكانت تسمّى مدينة أبي جعفر لأنه هو الذي بناها وكان انتقاله إليها عام 146 ، ولعلّه في هذه السنة دعا الصادق إليها . [2] ما كان ليخفى على المنصور ما عليه أهل البيت في اليمين بالطلاق والعتاق وأنه لا يحنث الحالف كاذباً ، أي لا تطلق نساؤه ، ولا تعتق مماليكه ، ولكنه حاول أن يحطّ من كرامة الصادق وألا يثبت له فقه خاص .