كما أن في هذا الحوار الكثير مما يفيد في إيجاد منافذ ، سيجد المتعمق فيها نفسه أمام الكثير من الكنوز التي طالما تشوق للوصول إليها ، وسعى للحصول عليها . وإنها ، أعني هذه المنافذ وتلك النوافذ ، لتخاطب اللبيب الأريب بألف لسان ، وتغنيه عن كل بيان . ولن يعكر عليه صفو هذا المعين الزلال إلا شيء واحد ، وهو ما سيلمسه من عدم وجود تكافؤ في صراحة الكلمة ، والاستسلام للحق ، والبخوع له ، حيث سيلمس جرأة ظاهرة وإصراراً قوياً على قول الحق وفي البخوع له لدى طرف ، و إحجاماً وتردداً ، بل وغمغمة ، و لجلجة ، تصل إلى درجة التعمية العمدية ، والتجاهل السافر للحق الصراح ، وللأدلة الواضحة لدى الطرف المقابل . . وفي جميع الأحوال ، فإنه قد جاء حواراً قوياً ، ومؤثراً ، و حماسياً . ولكن جاءت هذه القوة موزعة في اتجاهين متقابلين : أحدهما : اتجاه تجلت فيه الجرأة على قول الحق ، مع قوة حجاج واحتجاج ، وإصرار ، والتزام ، وملاحقة لكل صغيرة وكبيرة . ومتابعة لأدق التفاصيل . والثاني : ذلك الاتجاه الآخر الذي ظهر فيه الإصرار والحرص على حشد واستنفار كل القوى للحفاظ على موروث أظهرت الدراسات العلمية المنصفة أنه بات عبئاً ، لا يجد أية مبررات مقبولة أو معقولة لحمل