كل قائل فليتق الله امرؤ وليعلم ما يقول قال إذا رأيتم المؤمن صموتا وقورا فأدنوا منه فإنه يلقي الحكمة وقال عيسى ابن مريم عليه السلام العبادة عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت وجزء واحد في الفرار من الناس وفي حكمة آل داود على القائل أن يكون عارفا بزمامه حافظا للسانه مقبلا على شأنه مستوحشا من أوثق إخوانه ومن أكثر ذكر الموت رضي باليسير وهان عليه من الأمور الكثيرة ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا من خير واعلم أن أحسن الأحوال أن تحفظ لسانك من الغيبة والنميمة ولغو القول وتشغل لسانك بذكر الله تعالى أو في تعلم علم فإنه من ذكر الله فإن العمر متجر عظيم كل نفس منه جوهرة فإذا ترك الذكر وشغل لسانه باللغو كان كمن رأى درة فأراد أن يأخذها فأخذ عوضها مدرة لأن الإنسان إذا عاين ملك الموت لقبض روحه فلو طلب منه التأخير على أن يتركه ساعة أو نفسا واحدا يقول لا إله إلا الله بملك الدنيا لم يقبل منه كم ضيع الإنسان من ساعة في لا شيء بل ساعات وأيام فهذا هو الغبن العظيم وإن المؤمن هو الذي يكون نطقه ذكرا وصمته فكرا ونظره اعتبارا وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر ألا أعلمك عملا ثقيلا في الميزان خفيفا على اللسان قال بلى يا رسول الله قال الصمت وحسن الخلق وترك ما لا يعنيك وروي أن لقمان رأى داود يعمل الزرد فأراد أن يسأله ثم سكت فلما لبسها داود عليه السلام عرف لقمان حالها بغير سؤال وقال من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثر لغوه ومن كثر لغوه كثر كذبه ومن كثر كذبه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه فالنار أولى به وقد حجب الله اللسان بأربع مصاريع لكثرة ضرره الشفتان مصرعان والأسنان مصرعان وقال بعض العلماء إنما خلق للإنسان لسان واحد وأذنان وعينان ليسمع ويبصر أكثر مما يقول وروي أن الصمت مرآة الحكمة