فما معنى دعوة الناس للتخلص من اللطم ، والتطبير ، وغير ذلك من أساليب التعبير ، واستبدالها بأساليب مصطنعة ، فيها الكثير من الرياء ، والتصنع ، والزيف ، والكذب ، والخداع ، وما إلى ذلك . . وهذا هو التعبير الحضاري الذي يجسد واقع المشاعر الإنسانية ، بعفوية تامة ، وبصدق وأمانة ، وخلوص . . ثالثاً : ما هو المعيار عند هؤلاء في كون الشيء حضارياً ، أو غير حضاري ؟ فإن ما نتعقله هو : أن هناك واجباً أو تكليفاً لا بد من التعرض لإنجازه ، وهو واجب ، أو تكليف بإحياء أمرهم عليهم السلام ، وهذه المراسم التي يعتمدها الناس ليست هي الحزن ، وإنما هي أساليب للتعبير عنه ، وإظهاره . وربما يستفيد الناس في تعابيرهم هذه من بعض الوسائل التي أصبحت في متناول أيديهم . . لكن استعمال الوسائل الحديثة المتوفرة لا يعني : أن هناك حالة حضارية قد دخلت في نطاق إحياء أمرهم عليهم السلام ، فإن الوسيلة لا تمثل حضارة ، بل المعنى الذي تؤديه ، والمفهوم الذي تجسده ، هو الذي يمكن أن يوصف بأنه حضاري تارة وبأنه تخلُّف أخرى . . من أجل ذلك نقول : إنه حتى عندما تكون وسائل التعبير