تمهيد : بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . وبعد . . فإنه قد كان ، ولا يزال ، ثمة أناس يتظاهرون بالزهد ، والإعراض عن الدنيا ، ويدّعون لأنفسهم كرامات ، بل ومعجزات ، ويتفننون في إطلاق كلمات تعبر عن نظرتهم إلى الدنيا وزهدهم بها . وهي كلمات تعتمد في الأكثر على تنميق العبارات ، والتصرف في الكلمات وتركيباتها ، واشتقاقاتها ، فتأتي بعض عباراتهم طريفة ، وبديعة ، ورنانة ، في أحيان كثيرة ، كما أنها قد تكون على درجة من السقوط والابتذال أحياناً أخرى ، ولكن بعض العلماء تلقفوا كلماتهم تلك ، وأخذوها بجدية وسلامة نية ، وحاولوا أن يضعوها في سياق صحيح ومقبول . . وقد أثمرت جهود أساطين العلم في بلورة علم شريف متكامل ، له أصوله ، وفروعه ، وضوابطه ، وهو ما يعرف اليوم بعلم العرفان ، الذي كان لجهابذة العلم الإيرانيين القدح المعلى ، وقصب السبق في إنجازه ، ورسم معالمه ، وتحديد وضبط قواعده . . وكان ابن عربي هو أحد أركان الصوفية الذين كتبوا في التصوف والمتصوفة الشيء الكثير ، وقد اشتملت كتاباته أحياناً على لمحات راقية في مضامينها إلى درجة تثير الإعجاب ، ولكنه يتضاءل ويسفل في كتاباته أحياناً