نام کتاب : مقارنة الأديان ، أديان الهند نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 165
وهكذا ترى البوذية أن الكون أزلي مستمر ليس له مبدأ ولا نهاية ، وترى أن المولد الفردي ، هو منشأ الآلام التي تملأ حياة الفرد ، وليس هذا المولد إلا نتيجة للشهوات والرغبات والعواطف والميول الفردية المتقدمة لفرد قد سبق هذا الفرد ، فتجددت حياة هذه النفس لتلاقي جزاء ما خضعت للشهوات والرغائب من قبل ، ثم تكون للنفس في دورها الجديد شهوات أخرى ورغائب ، فتجدد مرة أخرى لنفس السبب ، وهكذا إلى نهاية ، فالشهوات والعواطف هي سبب هذا التسلسل الذي سيمتد إلى ما لا نهاية ، ولا تنتهي السلسلة المشئومة حتى تعدم بذورها من الشهوات والرغبات والعواطف والميول ، فينتهي الميلاد فالهرم والموت وسائر أوجاع الحياة وحسراتها . وما بعثث البوذاوات في الكون إلا لإعدام بذور الآلام والحسرات ، قال بوذا : " لولا ثلاثة في الدنيا لما ظهر في الكون الكامل المقدس الأعلى بوذا ولا الشريعة ، ولا أشرق في الكون التعليم الذي يعرضه الكامل ، وما هذا الثالوث إلا المولد والهرم والموت ، وما تبشير بوذا إلا الدعوة إلى النجاة من الآلام والحسرات باجتثاث شأفتها وقلع أصولها . وأهم شئ في التعليم البوذي هو الحقائق الأربع التي سبق ذكرها ، فمن آمن بها واتبعها كتبت له النجاة والسعادة ومن لم يعلمها ولم يؤمن بها ظل في شقائه وآلامه يموت ويحيا ثم يهرم ويهلك فيولد من جديد ، ولا تنقطع هذه السلسلة حتى يعرف هذه الحقائق ويتبعها . وقد كشفت الأسرار لبوذا فعرف هذه الحقائق وآمن بها واتبعها ولذلك يقول : " لقد أحرزت علم هذه الحقائق الأربع المقدسة ، وأحرزت فهمها بانجلاء تام فصرت على يقين بأني قد ظفرت بالبوذية الكبرى ، وقد عرفت أنه قد ضمنت لي النجاة بروحي ، ومولدي هذا آخر مولد ، وليس لي بعد هذا من ولد مستأنف " .
165
نام کتاب : مقارنة الأديان ، أديان الهند نویسنده : الدكتور أحمد الشلبي جلد : 1 صفحه : 165