وكذا ما نعلمه من وقوع الناسخ والمنسوخ في الشريعة الإسلامية بما دل عليه القرآن الكريم كما سنشير إليه إن شاء الله ، وقد أكثر الناس في ذلك وخلطوا ، فلنستأنف الكلام في تتبع بعض الكلمات المتكلف ليتضح لك حالها وحاله فيها . المتكلف والنسخ وقد افتتح كلامه في بحث النسخ بقوله " يه 4 ج ص 155 " مما اختصت به الديانة الإسلامية مما يشين ويعيب مسألة الناسخ والمنسوخ ، فمن تحرى في القرآن وتفاسيره رأى أن الناسخ والمنسوخ فاش فيه بحيث يكاد أن لا تخلو سورة منه ، فكان ذلك موجبا لتشويش الذهن واضطراب الفكر ، فإذا طالع الإنسان بقصد الفائدة تاه في هندس الظلمات ، ووقع في الالتباسات والإيهامات ، وصعب عليه التمييز بين الأحكام التي يجب أن يعول عليها وبين الأحكام التي لا يجوز الاعتماد عليها . أقول : أما دعواه اختصاص الديانة الإسلامية بالنسخ ، فقد ظهر لك ظهور الشمس في رابعة النهار من الأمثلة المتقدمة ، كونها دعوى باطلة لا يسترها التمويه . وإن العهد القديم قد ذكر وقوع التناسخ في شريعة " نوح " كما في المثال الأول ، وجاء في شريعته النسخ لما قبلها ، كما في المثال الثاني إلى المثال الخامس والتناسخ فيها كما في المثال السادس إلى المثال التاسع والعشرين ، وإن شريعة الإنجيل قد جاء فيها النسخ لما قبلها كما في المثال الثلاثين إلى المثال السابع والثلاثين والتناسخ فيها أيضا كما في المثال الثامن والثلاثين . وإن شريعة العهد الجديد قد جاء فيها النسخ لما قبلها كما في المثال التاسع والثلاثين إلى المثال الرابع والأربعين ، والتناسخ فيها أيضا كما في المثال الخامس والأربعين إلى السابع والأربعين ، وانظر إلى ما ذكرنا في التنبيه ، والمتكلف يقول : وعلى كل حال فلا ناسخ ولا منسوخ ، على أن المتكلف قد اتبع في هذه الدعوى قول السيوطي في الإتقان اتباعا من دون تدبر ، ولم يدر أنه لا يلزم السيوطي مثل ما يلزمه .