بكونه ذا طين كان باعتبار وجود الطين في قراره أو حافاته أو شواطئه ، لأن كل بحر وكل نهر وكل عين لا بد أن يكون في حافاته وقراره طين ، فلا بد أن يكون المراد هو الطين الذي في وسطه ، ومقتضى المناسبة في وصف المحيط العظيم بأن في وسطه طينا لا بد أن يكون المراد منه قطعة أمريكا ، ألا ترى أن أقل الأقطار لهذا المحيط يبلغ مائة وثمانين درجة كما في ناحية الدرجة السادسة والستين ، وما قاربها في العرض الشمالي ، فما ظنك بالطين المناسب لوصف هذه البحرية ، أتراه يناسب أن يكون أمريكا " - راجع تفصيل البحث في أول الجزء الثاني - صحيفة 3 وما بعدها . * * * وبعد : فإن هذا الكتاب بجزئيه من أهم المراجع للمشتغل في تاريخ الأديان والمعتقدات للأجناس البشرية ، وأصفى المصادر لرجال الفقه المقارن في الشرائع السماوية ، وأغزر الكتب في فن الجدل والمناظرة والمناقشة المنطقية ، هذا الفن الذي يحتاجه المحامون في ساحات العدل للدفاع وإفحام الخصوم في القضايا الحقوقية العويصة ، إذ يربي فيهم ملكة المجادلة ، وأسلوب المحاورة في ضوء الأقيسة العقلية المنطقية وطريقة استخدام الأدلة والشواهد والتمييز بين صحيحها وسقيمها وقوة حجيتها ، ومن محاسن هذا الكتاب وثمراته الشهية فضح دسائس المبشرين الاستعماريين الحاقدين على الإسلام ورسوله الكريم " ص " تلك الدسائس اللعينة التي سحر بها شبابنا الجامعيين الماسونيين ، فكان خطرهم أشد من خطر المستشرقين الراكضين في ركاب الاستعمار باسم التبشير الديني . هؤلاء الذين جالدهم الإمام " البلاغي " وجادلهم بالتي هي أحسن ، فبدد أوهامهم ، وأظهر جهالاتهم ، وأدحض حجتهم بالبرهان المفلج المقنع ، ولهذا فإن هذا الكتاب خزانة علم وعرفان لا غنى للمحامين الغيارى عن حقائق الإسلام الحنيف ، وشريعته السمحة ويسرها عن هذه الخزانة الغالية . وبهذه المناسبة أنقل هنا ما حدثني به صديقي الثقة الأستاذ الجليل العلامة الكبير السيد محمد تقي الحكيم عن أثر " الهدى " وبركته ، فقال :