فكيف يعرف الناس أن فعل موسى وهارون كان من المعجز الخارج عن طاقة البشر بما عندهم من الحكمة والفلسفة ؟ وأنه فعل الله لأجل تصديقهما بدعوى الرسالة . وكيف يكون حجة من الله على صدق الرسالة ؟ وهل يختلج في أذهان الناس في مسابقة هذا الميدان إلا أن موسى كان أحذق وأتقن من السحرة والعرافين في الحكمة وفن السحر ، وقد جاء في العهد الجديد عن استفانوس المملوء من الروح القدس أن موسى بواسطة تربيته في بيت فرعون تهذب بكل حكمة المصريين ، وكان مقتدرا في الأقوال والأعمال " ا ع 7 : 22 " . قلت : أعلي تحمل ثقل ما في العهدين الرائجين ؟ أم قد ضمنت لك صحة جميع ما فيها . فسل وقل ما هو المائز بين المعجز الذي هو الحجة على الرسالة وبين السحر ؟ لكي أقول لك : إن المعجز هو ما كان على نحو يعترف غير العميان بالعصبية والتقليد بأنه من الله لا من السحر . ونحوه وإن قال المتعصبون أو المقلدون مكابرة وجهلا وعنادا أنه سحر ويختلف ذلك بحسب اختلاف الناس في وقتهم ومحلهم ومعارفهم . قال المتكلف " يه 1 ج ص 224 " المعجزة هي أمر خارق للعادة داعية إلى الخير والسعادة " ص 225 " يلزم أن تكون نافعة ومفيدة أو كما قال السيد الجرجاني داعية إلى الخير والسعادة . فمثل كلام الجمادات ككلام الحصى والرمان والعنب وأسكفة الباب ، وحيطان البيت وكلام الشجر وشهادة الذئب لمحمد " ص " بالنبوة وكلام الظبية ليست بمعجزة فإنه لا فائدة للإنسان منها وهي جديرة بأن تدرج في سلك الخرافات . أقول : أولا قد قال المتكلف " ص 13 " لا ننكر أن شرب الخمر حرام والتوراة والإنجيل ناطقان بأنها حرام قطعا . وجاء في ثاني يوحنا 2 - 12 أن المسيح كان في مجلس العرس ولما نفد خمرهم استدعت منه أمه أن يصنع لهم . بمعجزة خمرا " لئلا تتعطل عبادة السكر