على أنه لم يفت يوحنا أن المعلمين الكذابين يدعون هم أيضا أنهم " يعرفون الله " . ولذلك أكثر من التنبيهات ليدل على علامات الحياة المسيحية الصحيحة . ويمكن إدراجها في سلسلتين : فهناك أول الأمر العلامات من النوع الخلقي ، من اجتناب الخطيئة ( 3 / 6 ) والاقلاع عن حب العالم ( 2 / 5 ) والسير في النور ( 1 / 7 ) وعمل البر ( 2 / 29 و 3 / 10 ) وحفظ الوصايا ( 2 / 3 - 5 و 3 / 24 و 5 / 2 ) ، ولا سيما وصية المحبة الأخوية ( 2 / 9 - 11 و 3 / 10 و 18 - 20 و 4 / 13 و 20 و 5 / 1 ) . وهناك أيضا العلامات التي تتناول العقيدة ، وهي الثبات في التعليم الذي سمع منذ البدء ( 2 / 24 ) والاستماع إلى الذين في الكنيسة يعلمون الحق ( 4 / 6 ) والإيمان والشهادة بأن يسوع هو المسيح ابن الله ( 2 / 23 و 4 / 2 و 5 / 1 و 10 ) . أما موهبة الروح القدس ( 3 / 24 و 4 / 13 ) فليست هي علامة في المعنى الحقيقي ، بل قوة باطنة تبعث الإيمان والمحبة الأخوية . ما هي ثمار تلك المشاركة الصحيحة لله وللإخوة ؟ إن عمل كلام الله والإيمان الحي يؤتيان المسيحي الغلبة على الخطيئة والعالم ( 2 / 13 و 14 و 4 / 4 و 5 / 4 - 5 ) . فمن عاش حياته ، حياة ابن الله ، على وجه تام ، أصبح شبه عاجز عن ارتكاب الخطيئة ( 3 / 6 و 9 و 5 / 18 ) . وأن خضوعه التام لمشيئة الله ينفي عنه كل خوف ( 4 / 18 ) ويوليه الثقة التامة لدى الديان العظيم ، ويوليه أيضا الاطمئنان بأنه يستجاب له في صلاته ( 3 / 21 - 22 و 5 / 14 - 15 ) . ولذلك تصبح تلك المشاركة بين المؤمنين ينبوع سلام لهم ( 2 يو 3 ) وتبعث فيهم الفرح المسيحي ( 1 يو 1 / 3 ) . [ الخاتمة ] تعرض رسائل يوحنا عرضا شاملا الحياة المسيحية الصحيحة . إنها حياة المشاركة لله ، فهي تحقق تحقيقا تاما العهد الجديد بين الله والناس ، الذي أنبأ الأنبياء بقيامه في أزمنة الخلاص . إن هذا العهد الجديد قبل كل شئ بالكشف الذي أتى به يسوع المسيح ، الكشف عن محبة الله . وهو جديد أيضا لأن هذه الحقيقة صارت حقيقة باطنة بعمل من الروح القدس . وهكذا أصبح الإيمان والمحبة الشريعة الجديدة لتلاميذ المسيح . وشاء يوحنا أن يحمل هذا الكشف جميع ثماره ، فشدد على ضرورة تقليد لا ينفك يرجع إلى أصله ، وقد ألح أيضا في كلامه على الشأن العظيم لتمييز الأرواح " والمسحة " الباطنة ، واختبار إيمان المسيحيين . وهذه كلها أمور من العقيدة بحث فيها بحثا طويلا بعدئذ في علم اللاهوت والروحانية والتصوف عند المسيحيين . تحتوي هذه الرسائل تعليما يتناول المشاركة لله والخلق الكريم والتفكير اللاهوتي المتصوف ، وهي تعرض أيضا لنا تعليما يتناول الحياة الأخرى . فلا يمكن أحدا إلا أن يؤخذ بما فيه من شأن لنهاية الأزمنة . قال يوحنا : إن الساعة الأخيرة قد أتت . إننا نحن المسيحيين في حالة مقاومة للعالم ، ولكننا نعلم أن هذا العالم زائل ، ولذلك نحن مدعوون إلى أن نرسخ على يسوع رجاءنا كله ، وعندما يظهر نراه كما هو .