5 اسمعوا ، يا إخوتي الأحباء : أليس الله اختار [3] الفقراء في نظر الناس فجعلهم أغنياء بالإيمان وورثة للملكوت الذي وعد به من يحبونه ؟ 6 وأنتم أهنتم الفقير ! أليس الأغنياء [4] هم الذين يظلمونكم ويسوقونكم إلى المحاكم ؟ 7 أوليس هم الذين يجدفون على الاسم الحسن الذي ذكر عليكم ؟ [5] 8 فإذا عملتم بالشريعة السامية [6] التي نص عليها الكتاب ، وهي : " أحبب قريبك حبك لنفسك " ، تحسنون عملا . 9 وأما إذا راعيتم الأشخاص فترتكبون خطيئة وتثبت الشريعة عليكم أنكم من المخالفين . 10 فمن حفظ الشريعة كلها وزل في أمر واحد منها أخطأ بها جميعا [7] ، 11 لأن الذي قال : " لا تزن " قال أيضا : " لا تقتل " . فإذا لم تزن ولكنك قتلت ، كنت مخالفا للشريعة . 12 تكلموا واعملوا مثل من سيدان [8] بشريعة الحرية ، 13 لأن الدينونة لا رحمة فيها لمن لم يرحم ، فالرحمة تستخف بالدينونة . [ الإيمان والأعمال ] 14 ماذا ينفع ، يا إخوتي ، أن يقول أحد إنه يؤمن ، إن لم يعمل ؟ [9] أبوسع الإيمان أن يخلصه ؟ 15 فإن كان فيكم أخ عريان أو
[3] الاختيار الإلهي يجري منذ اليوم انقلاب الفقر بحسب العالم إلى غنى الإيمان ، في حين أن الأغنياء لا يكدسون إلا كنزا معرضا للزوال ( راجع 1 / 11 و 5 / 1 - 3 ) . وهذا الاختيار إلزام بوعد ميراث أخيري ( راجع 1 / 12 ومتى 25 / 34 و 1 قور 6 / 9 - 10 و 15 / 50 وغل 5 / 21 ) . [4] لا يفصل يعقوب بين الأغنياء بوجه عام والأغنياء الذين لهم محلات خاصة في المجامع المسيحية ، وهو يورد ، في شأن هذه الفئة من الناس ، آراء مفرغة في قالب واحد . [5] يراد به اسم الرب يسوع ( راجع الآية 1 ) ، الذي يدعى باسمه على المؤمن عند اعتماده ( راجع رسل 2 / 38 و 10 / 48 ) والذي يجدف عليه الأغنياء باضطهادهم البار الذي للمسيح ( راجع 5 / 6 ومتى 10 / 22 و 24 / 9 ) . [6] تساوي الآيات 8 - 12 بين هذه " الشريعة السامية " والشريعة ( راجع 4 / 11 ) و " شريعة الحرية " ( راجع 1 / 25 ) . ل " شريعة الحرية " سوابق في الدين اليهودي : كانت الشريعة تجعل من الخاضعين لها أبناء أحرارا ( راجع يو 8 / 31 - 35 ) . لكن رسالة يعقوب تقصد تفسيرا مسيحيا للشريعة ، فهي من جهة تشابه كلمة الحق ( راجع 1 / 21 - 24 ) ، وعملها من جهة أخرى يكون هو قبل كل شئ محبة القريب ( راجع 1 / 26 - 27 ) . وهذه المحبة تحتل في الوصايا محلا ساميا ( الترجمة اللفظية : " ملوكيا " ) . وهي نظرة متى أيضا ( متى 19 / 18 - 19 وراجع 5 / 21 - 48 ) ويمكن مقارنتها بتمام الشريعة في غل 5 / 14 وروم 13 / 9 - 10 أو بالوصية الجديدة في يو 13 / 34 - 35 . وهذه الشريعة " كاملة " ( راجع 1 / 25 ) ، لأنها تكشف تماما عن مشيئة الله التي كانت تبتغيها في شريعة موسى ، فالذي يعمل بها ، وإن زل أيضا ( راجع 3 / 2 ) ، يستهين بالدينونة ( راجع الآية 13 و 1 يو 3 / 14 - 20 ومتى 6 / 14 - 15 و 18 / 23 - 25 ) . [7] يذكر يعقوب هنا مبدأ من مبادئ الدين اليهودي ( راجع غل 3 / 10 الذي يستشهد ب تث 27 / 26 ) . من خالف " وصية واحدة " تعدى على مشيئة الذي هو صاحب " الشريعة كلها " . إلا أن تلك الوصايا في سياق الكلام هي التي تعبر عن محبة القريب . [8] راجع 5 / 9 . [9] تشرح الآيات 14 - 26 الموضوع الكامن في الرسالة كلها ، أي موضوع " الإيمان " و " الأعمال " ( راجع 1 / 3 - 6 و 25 و 3 / 13 ) . يبدو أن الكاتب يقف موقفا معاكسا لمبدأ بولس القائل بالتبرير بالإيمان وحده ( راجع روم 3 / 28 وغل 2 / 16 ) ، إذ إنه يؤكد أن الإيمان لا يخلص بمعزل عن الأعمال وإنه ميت بدونها ( راجع الآيات 17 و 26 ) . غير أن الأعمال التي تذكرها رسالة يعقوب ليست " أعمال الشريعة " التي تندد بها الرسالتان إلى أهل غلاطية وأهل رومة ، بل الثمار التي من شأن الإيمان أن يخرجها ، في نظر بولس نفسه ( راجع روم 2 / 6 و 15 - 16 وغل 5 / 6 واف 2 / 8 - 10 وقول 1 / 10 و 1 تس 1 / 3 و 2 تس 1 / 1 ) . لا تطابق رسالة يعقوب بين الإيمان والأعمال ، بل تشدد على إيمان يبلغ كماله في الأعمال ، ولا سيما في محبة القريب والصلاة . فمن جعل ثقته في كلمة الحق القادرة وحدها على تخليص الخاطئ ، خضع أيضا لمشيئة الله في كل ما يمت بصلة إلى حياته . إن الأهمية المعلقة على عمل المؤمن تدل على أن هناك بيئة يهودية مسيحية أشبه ببيئة متى ( 5 / 16 و 20 و 7 / 12 - 27 و 12 / 50 و 18 / 23 - 35 و 25 / 31 - 46 ) . ولكن يجب ألا ننسى أن الله هو الذي يخلق بكلمته ويكلل البار : فالآية 22 ، إذ تؤكد أن الأعمال تكمل الإيمان ، لا تناقض مباشرة موقف بولس . المقصود هو وجهة نظر تبدو أنها نشأت بعد إشكالية بولس بزمن طويل . كان الدين اليهودي يميل إلى صهر الإيمان بالأعمال ، وكان بولس في خلاف مع المتهودين ، فطالب بأولوية الإيمان مميزا إياه عن ثماره أو أعماله . أما رسالة يعقوب فإنها توافق بين الإيمان وأعمال الإيمان ، بدمجها ما أتى به انتقاد بولس ، والراجح أنها قاومت تفسيرا متطرفا لتعليم بولس .