11 فقد أشرقت الشمس واشتدت حرارتها وأيبست العشب ، فسقط زهره وذهب رونقه . كذلك يذبل الغني في مساعيه . 12 طوبى [12] للرجل الذي يحتمل التجربة ! لأنه سيخرج مزكى فينال إكليل الحياة الذي وعد به من يحبونه . [ التجربة ] 13 إذا جرب أحد فلا يقل : " إن الله يجربني " . إن الله لا يجربه الشر ولا يجرب أحدا ، 14 في حين أن لكل إنسان شهوة تجربه [13] فتفتنه وتغويه . 15 والشهوة إذا حبلت ولدت الخطيئة ، والخطيئة إذا تم أمرها خلفت الموت [14] . 16 لا تضلوا يا إخوتي الأحباء ، 17 فكل عطية صالحة وكل هبة كاملة [15] تنزل من عل من عند أبي الأنوار [16] . وهو لا تبدل فيه ولا شبه تغير . 18 شاء أن يلدنا بكلمة الحق [17] لنكون كمثل باكورة لخلائقه . [ العبادة الصحيحة ] 19 لا يخفى عليكم شئ ، يا إخوتي
[12] هذه التطويبة عودة إلى صيغة تقليدية للوعظ الأخلاقي في العهد القديم ، فهي تعد بالسعادة من سار على سبيل الله ( راجع الآية 25 ) . وفي العهد الجديد ، تصبح هذه السعادة الحياة الأخيرية التي وعد بها على وجه خاص من عانوا المحن ( راجع 5 / 11 ومتى 5 / 10 - 12 ولو 12 / 37 - 38 و 1 بط 3 / 14 و 4 / 14 ورؤ 14 / 13 و 16 / 15 ) . [13] إن الله لا يجرب أحدا : بما أن الشر غريب عنه ، فهو لا يستطيع أن يدفع أحدا إلى ارتكابه ( راجع سي 15 / 11 - 13 ) . فالإنسان تستهويه الشهوة وتغريه ، وهي تشبه الأهواء التي تعترك في الأعضاء ( 4 / 1 - 2 ) ، وتقوم بالدور الذي قام به " روح الفساد والظلام " في مؤلفات قمران ( القانون 3 / 18 - 4 / 26 وراجع روم 7 / 7 - 8 و 1 يو 2 / 16 - 17 ) . وهذه النظرة ، التي تميز بين " الامتحان " و " التجربة " وتبعد التجربة عن عمل الله ، تبتعد بعض الشئ عن العهد القديم ( تث 13 / 4 مثلا ) . وهي تستند ، في آخر الأمر ، إلى قصة الإنسان الخاطئ الذي تتنازعه قوى غير منظورة ( الله والعالم ، 4 / 4 ، والله والشيطان ، 4 / 7 ) . [14] ليست الخطيئة هنا قدرة خارجة عن الإنسان ، بل الذنب نفسه ( راجع 2 / 9 و 4 / 17 و 5 / 15 - 16 و 20 ) ، وإن كان هناك بعض الشبه في الصلة بين " الخطيئة " و " الموت " في روم 5 / 12 و 6 / 23 و 7 / 13 . إذا بلغت الخطيئة أشدها ، أورثت الموت ، والصلة بين الخطيئة والموت ترد هي نفسها في 5 / 20 . فليس المقصود هو الموت الطبيعي فقط ، بل الموت الأخيري الذي يتعارض مع الحياة التي تمت ولادتها في المؤمن بفضل كلمة الحق ( الآية 18 ) والتي يعد الله بها من يحبونه ( الآية 12 ) . [15] هذه الكلمات الأولى من الآية بيت سداسي الوزن ، فقد يستشهد الكاتب بعبارة مأثورة في قيمة العطية ، ولكنه يضيف أن العطية الكاملة لا تأتي إلا من الله . [16] إن الله رب ( راجع 1 / 1 ) وأب ( 1 / 27 و 3 / 9 ) ، الإله الأوحد الذي يعترف به الإيمان اليهودي ( 2 / 19 وراجع 4 / 12 ) . إنه " أبو الأنوار " لأنه خلق الكواكب ( راجع تك 1 / 14 - 18 ) . وإذا كان أبا الأنوار ، فذلك أنه نفسه نور ( راجع 1 يو 1 / 5 ) . يريد الكاتب أن يبعد عن الله وعن عمله كل وجوه الثنائية ( راجع الآية 13 ) وأن ينفي عنه الانقسام والرياء اللذين يميزان الخاطئ ( راجع 4 / 4 ) . إنه ذاك الذي يعطي من يسأله ( راجع الآية 5 و 5 / 15 ) ، مستعدا دائما للمغفرة ( 5 / 11 ) . لكنه الديان أيضا ( 5 / 8 - 10 وراجع 4 / 12 ) الذي يعطي الملكوت للفقراء المعرضين للمحن ويحاسب الأغنياء الذين يخالفون شريعته . [17] من الراجح أن المقصود ليس الكلمة الخالقة ، بل ما يتقبله المؤمنون من تعليم يهديهم إلى الخلاص . و " كلمة الحق " هذه الصادرة عن مشيئة الله تشير إلى البشارة ولا شك ( راجع 1 بط 1 / 23 - 25 وقول 1 / 5 واف 1 / 13 و 2 طيم 2 / 15 ) ، لكنها تشير أيضا إلى حكمة حياتية ( راجع 3 / 14 و 5 / 19 ) يسميها الكاتب شريعة الحرية ( الآية 25 و 2 / 12 ) . وهذه الكلمة تجعل من المسيحيين " بواكير " خليقة جديدة ، في حين أن الشهوة تورث الموت .