الآيات 13 / 22 - 25 هي خاتمة رسالة يجد فيها القارئ بضع كلمات فيها أخبار ، وأرسلت إلى أناس يقيمون في مكان آخر ، ثم التحيات المألوفة وكلمة تمن . ولكن ، قبل هذه الخاتمة ، التي لا تجانس لهجتها البتة لهجة الاستهلال ، نلاحظ جملة فخمة ( 13 / 20 - 21 ) هي خاتمة للكلام حقيقية ، وقد دعا ذلك إلى التمييز في المؤلف الذي في أيدينا بين عظة جعلت لكي تلقى مشافهة من جهة ( 1 / 1 - 13 / 21 ) وبطاقة قصيرة أضيفت إليها من جهة أخرى ( 13 / 22 - 25 ) . ويسوغ الاعتقاد بأن العظة ألقيت حقا أمام جماعة من المؤمنين في مكان واحد أو عدة أماكن ، ثم أرسلت بعد ذلك مكتوبة إلى مسيحيين آخرين . فبعث إليهم عندئذ ببضعة كلمات فيها أخبار وتحيات ، ولا يتعذر أن تكون العظة والبطاقة من كتابة يدين مختلفتين . فإذا كان إنشاء العظة ينفي نسبتها إلى الرسول بولس ، فلا يمكن قول مثل ذلك في البطاقة . [ المرسل إليهم ] ليس في المؤلف أية إشارة واضحة إلى الذين أرسل إليهم . فليس العنوان " إلى العبرانيين " شيئا من النص . إنه قديم ، ولكن يرجح أنه انتقي لما أدرج النص في مجموعة تضم عدة رسائل . ومعناه غير واضح . فقد استنتج منه بعض المفسرين الأقدمين أن الذين أرسل إليهم هم من أصل يهودي يسكنون فلسطين ويتكلمون العبرية . إن هذا الرأي لم يبق مقبولا في أيامنا ، لأن جميع المفسرين يعترفون بأنه ليس في اللغة اليونانية التي بها كتبت الرسالة ما يوحي بأنها يونانية مؤلف ترجم . ذهب بعض المفسرين المحدثين إلى أن الرسالة وجهت إلى يهود غير مسيحيين ، وبعبارة أوضح ، إلى أعضاء من شيعة قمران . هذا الافتراض بعيد الاحتمال ، فإن الرسالة لا تدعو إلى الاهتداء ، بل إلى الثبات والتقدم في الإيمان ( 3 / 6 و 5 / 12 و 6 / 9 - 12 الخ . . ) . يضاف إلى ذلك أنه ، إذا كان لها صلات بالمؤلفات التي عثر عليها في قمران ، فإن لها أيضا صلات مدهشة بالديانة اليهودية الهلينستية ، وقد بدا لبعضهم أنه اكتشف فيها فوق ذلك تأثيرا للتعاليم الغنوصية . يتبين من مختلف هذه المقارنات كلها أن الرسالة استفادت من تربة غنية جدا . فالبيئة التي حررت فيها ظلت معرضة لمختلف التأثيرات وهي تخاطب جماعات مسيحية لم تكن نشأتها حديثة ( 5 / 12 و 13 / 7 ) ، وإن لم يرجع عهدها إلى أول أيام الكنيسة في فلسطين ( راجع 2 / 3 ) . فقد عقب سخاء البداءة ( 6 / 10 و 10 / 32 - 34 ) شئ من الاعياء ( 5 / 11 و 10 / 25 و 12 / 3 ) : توقعوا مصاعب جديدة فتعرضوا لتجربة خور الهمة ( 10 / 35 - 36 و 12 / 4 و 7 ) . ولا شك أنه يضاف إلى ذلك كله خطر الضلال في أمور للعقيدة لها صبغة يهودية ( 13 / 9 ) . وعلى كل حال ، يبدو التأثير اليهودي المسيحي في هذه الجماعات شديدا . [ الظروف والتاريخ لكتابة الرسالة ] تشير خاتمة الرسالة إلى ظروف من واقع الحال ، ولكن على نحو غامض جدا ، حتى أنه لا يسعنا أن نحدد لها زمانا أو مكانا . فأين ومتى أخلي سبيل طيموتاوس ؟ من أي شئ أخلي سبيله ؟ لا ندري .