[ مغزى الرسالة ] إذا تشعبت الآراء على هذا النحو في تاريخ الرسالة أو نسبتها ، فإنها تأتلف للاعتراف بأن الرسالة إلى أهل قولسي توافق موافقة جوهرية البلاغ الذي عبر عنه بولس في أحوال أخرى ، وهو إننا ندرك الكمال في المسيح . إنه كل شئ من أجل برنا ( غلاطية ورومة ) وكل شئ من أجل مصيرنا وموتنا وحياتنا ( قولسي ) . فحذار العودة إلى الشريعة ، لأنها عودة إلى العبودية السابقة ( غلاطية ) . حذار إضافة عبادة لأصحاب القوة ، إلى جانب سيادة المسيح أو فوقها أو تحتها : ففي ذلك عودة إلى العبودية . إن النشيد للحرية المسيحية نفسه يرتفع ، واللجوء نفسه إلى المعمودية واجب وجوب الحدث الذي لا رجعة فيه والذي انتشلنا من كل بر آخر ( غل وروم ) ومن كل سلطة غير بر المسيح وسلطته ( قول ) . وإذا كان يبدو أنه ينتقل من تعبير يؤثر فيه الزمان وانتظار مجئ المسيح ، إلى تعبير يسوده المكان وارتفاع المسيح رأسا للكون ، فإن ذلك الانتقال هو في سبيل البلاغ نفسه ، وهو أن المسيح مات وقام مرة واحدة وأننا متحدون به مرة واحدة . إن حياتنا ، وقد ارتبطت بحياته ، تعسكر ظافرة في " الأماكن السماوية " ، حيث تضطرب القوى التي قد تهدد تحررها . وليس المراد من ذلك تحريضا على الهرب ، بل السير بنا إلى حياة صحيحة كما يظهر من آخر الرسالة . ما من شئ يبدو ، لأول وهلة ، أبعد منا من تلك التلميحات إلى أصحاب سلطة يزعم أنها تسكن عالم ما فوق الأرض ، من ملائكة وقوات بيدها سير الكواكب ومصير الناس . وما من شئ أغرب من أحكام الطعام أو الطقوس التي تسول لمسيحيي قولسي أنفسهم العمل بها . ولكن حسب القارئ أن يستمع إلى تلك الأسئلة ويدع جواب الرسول ينفذ إليه ، حتى يدرك ما كان لهذه الرسالة من صدى . إن أصحاب السلطة قد تبدلوا ومحاولاتنا لاستمالاتهم أو الإفلات منهم ليست هي نفسها ، ومع ذلك فإن أهل قولسي إخوتنا . فابن القرن العشرين ، لا بل مسيحي القرن العشرين ، يشعر بمثل مشقتهم بأن يرى نفسه مسؤولا . إنه يشعر بأنه ألعوبة القوى التي تجر الأرض في تطور لا رجعة فيه . لا يكون الخلاص بعد اليوم في طاعة شخصية لشريعة أو لخلق كثيرا ما ينكر ، بل في الإفلات من قبضة اغتراب ينذر بالهلاك . إلينا أيضا يلقى السؤال عن الصلة القائمة بين المسيح والكون : أي صلة تكون بين ما نستشفه من الكون والإنجيل الذي يبشر به ويتقبل ؟