- 2 - [ يوحنا يعد الطريق ليسوع ] [ رسالة يوحنا في البرية ] [ 3 ] 1 في تلك الأيام [1] ، ظهر يوحنا المعمدان ينادي [2] في برية اليهودية [3] فيقول : 2 " توبوا [4] ، قد اقترب [5] ملكوت السماوات " [6] . 3 فهو الذي عناه النبي أشعيا بقوله : " صوت مناد في البرية : أعدوا طريق الرب واجعلوا سبله قويمة " [7] . 4 وكان على يوحنا هذا لباس من وبر الإبل ، وحول وسطه زنار من جلد . وكان طعامه الجراد والعسل البري [8] . 5 وكانت تخرج إليه أورشليم وجميع اليهودية وناحية الأردن كلها ، 6 فيعتمدون [9] عن يده في نهر
[1] " في تلك الأيام " . هذه العبارة تدل هنا ، وفي النص اليوناني عادة ، على انتقال إلى فقرة ليس لها صلة زمنية بما سبق . يتألف هذا النص من ثلاث فقرات تمهد لرواية حياة يسوع العلنية ، كما الأمر هو في مرقس ولوقا : كرازة يوحنا ( 3 / 1 - 12 ) ومعمودية يسوع ( 3 / 13 - 17 ) وتجربة يسوع ( 4 / 1 - 14 ) . [2] " ينادي " . من الاستعمال العادي ( المناداة باسم الملك : راجع تك 41 / 43 ) ، انتقل المعنى إلى الحقل الديني ( المناداة باسم الله : راجع يوء 2 / 1 ) . تستعمل هذه الكلمة هنا للدلالة على كرازة يوحنا المعمدان ، وستستعمل أيضا للدلالة على كرازة يسوع ( 4 / 17 ) وتلاميذه ( 10 / 7 و 27 ) والكنيسة الأولى ( رسل 8 / 5 ) . في إنجيل متى ( ما عدا 11 / 1 ) ، يرد مضمون المناداة بإيجاز ( 3 / 2 - 3 و 4 / 17 و 10 / 7 ) أو يشار إليه بعبارتي " بشارة الملكوت " ( 4 / 23 و 9 / 35 و 24 / 14 ) أو " البشارة " ( 26 / 13 ) . يجدر بالذكر أن فعلي " نادى " و " بشر " ( = أعلن بشرى ) كانا شبه مترادفين في نص الترجمة اليونانية السبعينية ( راجع 2 صم 1 / 20 واش 40 / 9 ) . [3] " اليهودية " عبارة ينفرد بها متى ولا ترد إلا هنا . تدل على منطقة غير محددة تحديدا دقيقا ، تقع بين سلسلة الجبال الممتدة من أورشليم إلى حبرون ، والبحر الميت أو الأردن السفلي ( راجع 3 / 6 حيث يحدد مكان رسالة يسوع على وجه أدق ) . لا يهتم متى بتحديد المكان على وجه دقيق ، بقدر ما يهتم بمعنى " البرية " في الكتاب المقدس ( راجع 4 / 1 و 11 / 7 و 14 / 13 و 24 / 26 ) . في هذه المنطقة القليلة السكان ، عثر في 1947 على آثار ومخطوطات " البحر الميت " . راجع 1 مك 2 / 29 : " حينئذ نزل كثيرون إلى البرية ، ممن يبتغون العدل والحق ، ليقيموا هناك " . [4] " توبوا " . يرد هذا الفعل والاسم المشتق منه في إنجيل متى في قرائن أدبية توليهما أهمية كبرى ( 3 / 2 و 4 / 17 و 11 / 20 - 21 و 12 / 41 ) . إن فعل تاب يدل على أكثر من المعنى المستمد من الأصل اليوناني ( وهو تغيير في العقلية ) ، يدل على الموضوع الرئيسي الذي عالجه إرميا والأنبياء في العهد القديم ، وهو موضوع تغيير الطريق والعودة بلا شرط إلى إله العهد . يوحد متى بين مواعظ المعمدان ويسوع ( 3 / 2 و 4 / 17 ) ، مع التمييز بين خدماتهما الرسولية : يوحنا يعمد بالماء . أما يسوع فبالروح القدس ( 3 / 11 ) . [5] " قد اقترب " أو " صار قريبا " . العبارة نفسها في 4 / 17 و 10 / 7 ( الفعل نفسه في 21 / 1 و 34 و 26 / 45 - 46 ) . نفسر هذه العبارة في أيامنا على الوجه التالي : 1 ) الملكوت قريب ، أو قريب جدا ( يبشر يسوع بمجئ هذا الملكوت على وجه وشيك وشامل ) ، 2 ) الملكوت حاضر ( راجع 12 / 28 مع فعل آخر : " وافاكم " ) ، وهذا الحضور يمكن فهمه بطرق مختلفة : فإما أن هذا الملكوت قد حقق تماما ، وإما أنه افتتح افتتاحا سريا في شخص يسوع ونشاطه ، على أن يظهر علانية للجميع في وقت قريب . مهما يكن من أمر ، فإن مجئ الملكوت يقتضي أن يتوب الإنسان . [6] يفضل متى استعمال " ملكوت السماوات " على استعمال " ملكوت الله " ، جريا على عادة اليهود في تجنب لفظ اسم الله ( ما عدا متى 12 / 28 و 19 / 24 و 21 / 31 و 43 ) . ولا تعني كلمة " السماوات " أن هذا الملكوت سماوي ، بل إن الرب الذي في السماوات ( 5 / 48 و 6 / 9 و 7 / 21 ) يملك على العالم . ورد في العهد القديم أن الملكوت هو للرب ( مز 22 / 29 و 103 / 19 و 145 / 11 - 13 الخ ) ، ولكن متى يبشر بأن هذا الملكوت الدائم قد " اقترب " من الناس في شخص يسوع . [7] راجع أشعيا 40 / 3 . استبدل الإزائيون " سبله " ب " سبل إلهنا " ، مطبقين هذه النبوءة على يسوع نفسه . [8] يرتدي يوحنا لباس الأنبياء التقليدي ( زك 13 / 4 ) ، ولا سيما لباس إيليا ( 2 مل 1 / 8 ) الذي عاد في شخص يوحنا المعمدان ( راجع متى 17 / 9 - 13 وملا 3 / 23 ) . [9] تعرض هذه المعمودية على الجميع عن يد يوحنا ولا تمنح إلا مرة واحدة ، فهي تختلف عن توضؤات الحسيديم الطقسية ( التي كانت يومية ) وعن معمودية الدخلاء ( التي كانت " تطهرهم " لتمكنهم من الاتصال باليهود ) : راجع مر 1 / 4 + . معمودية يوحنا مرتبطة بالتوبة ، فهي تمهد للمعمودية التي أتى بها يسوع ( متى 3 / 11 ) .