[ مدخل ] إن سفر أعمال الرسل ، شأن الإنجيل الثالث ، من تأليف لوقا ، رفيق بولس ، وقد روى فيه أحداثا عرفها معرفة جيدة . ومؤلفه " الرسولي " هذا جزء من الكتب المقدسة ، فهو إذا قاعدة حق وإيمان . ذلك كان اعتقاد الكنيسة في جملتها نحو السنة 200 . على كل حال ، نرى أن المسيحيين أخذوا ، منذ القرن الرابع إلى أبعد حد ، يقرأون أعمال الرسل في أثناء القداس في زمن الفصح . ولا شك أن هذه القراءة قد أنارت إيمان الكنيسة في القرون الأولى . فأنعشت حياة المسيحيين من المعمودية إلى الاستشهاد ، وكان " اسطفانس ، أحد السبعة " ، أول من بذل حياته شهيدا . وكانت الجماعة المسيحية الأولى مثالا استوحت منه الحياة الرهبانية في نشأتها . ولم تظهر فيما بعد حركات إصلاحية أو رسولية إلا وفيها ، إلى جانب نداءات الإنجيل والقديس بولس ، حنين إلى " الحياة الرسولية " ، كما أوحى بها سفر أعمال الرسل . [ النص ] من أراد أن يطالع مولفا قديما ، وجب عليه أن يثبت نصه ، والحال أن إثبات نص أعمال الرسل مسألة معقدة . فمعظم نسخ هذا النص تبدو في صيغتين رئيسيتين : النص المسمى " السوري " أو " الأنطاكي " ، والنص المسمى " المصري " أو " الإسكندري " . ومع ذلك ، فلا مانع من جمعهما تحت اسم " النص الشائع " لشدة التقارب بينهما ، إذا قورنا بصيغة ثالثة تسمى " الغربية " . ويبدو أن هذه القراءات " الغربية " المختلفة لا تمثل عموما نص أعمال الرسل الأصلي . غير أن قدمها وانتشارها في الشرق والغرب أمران بارزان ، وكذلك فائدتها التاريخية واللاهوتية . [ الناحية الأدبية في أعمال الرسل ] إن ما في سفر أعمال الرسل من وحدة لغوية وفكرية أكيدة لا يحول دون انطوائه على قسمين يختلفان في نسقهما . يبدو القسم الأول ( 1 - 12 أو 15 ) مجموعة أجزاؤها متتابعة أكثر منها مركبة . الإشارات الزمنية فيه نادرة ، واللغة ذات صيغة سامية ، والفكر كثيرا ما يرتدي طابعا قديما . أما القسم الثاني ( 13 و 16 - 28 ) ، فيبدو ، خلافا للجزء الأول ، في لحمة متصلة وفي مجموعة أشد تنظيما ، تكثر فيه الإشارات الزمنية وتزداد اللغة اليونانية سلامة . تنتقل فيه الرواية أربع مرات من ضمير الغائب إلى ضمير المتكلم في صيغة الجمع .