" أتراني يهوديا ؟ إن أمتك وعظماء الكهنة أسلموك إلي . ماذا فعلت ؟ " 36 أجاب يسوع : " ليست مملكتي من هذا العالم . لو كانت مملكتي من هذا العالم لدافع عني حرسي لكي لا أسلم إلى اليهود [26] . ولكن مملكتي ليست من ههنا " . 37 فقال له بيلاطس : " فأنت ملك إذن ! " أجاب يسوع : " هو ما تقول ، فإني ملك . وأنا ما ولدت وأتيت العالم إلا لأشهد للحق [27] . فكل من كان من الحق يصغي إلى صوتي " [28] . 38 قال له بيلاطس : " ما هو الحق ؟ " [29] قال ذلك ، ثم خرج ثانية إلى اليهود فقال لهم : " إني لا أجد فيه سببا لاتهامه . 39 ولكن جرت العادة عندكم أن أطلق لكم أحدا في الفصح . أفتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود ؟ " 40 فعادوا إلى الصياح : " لا هذا ، بل برأبا ! " . وكان برأبا لصا [30] . [ 19 ] 1 فأخذ بيلاطس يسوع وجلده . 2 ثم ضفر الجنود إكليلا من شوك ووضعوه على رأسه ، وألبسوه رداء أرجوانيا [1] ، 3 وأخذوا يدنون منه فيقولون : " السلام عليك يا ملك اليهود ! " [2] وكانوا يلطمونه . 4 وخرج بيلاطس ثانيا وقال لهم : " ها إني أخرجه إليكم لتعلموا أني لا أجد فيه سببا لاتهامه " . 5 فخرج يسوع وعليه إكليل الشوك والرداء الأرجواني ، فقال لهم بيلاطس : " هاهوذا الرجل ! " [3] 6 فلما رآه عظماء الكهنة والحرس
[26] تختلف المملكة التي يطالب بها يسوع اختلافا شديدا عن المملكة التي تعود أهدافها ووسائلها إلى هذا العالم . فإن مملكته هو لا تحتاج على الإطلاق إلى القوة وإلى ما في العمل السياسي من طرق مألوفة . لقد نالها من الله . [27] كان الفكر الكتابي قد رأى ما هناك من صلة بين الملكية والحكمة ( راجع 2 صم 14 / 17 - 20 ) . والملكية الأخيرية التي افتتحها يسوع في العالم ، في تلك الساعة ، لا تستخدم العنف ، بل تحقق وفقا لمشيئة الآب الذي عهد إليه برسالته ، بقبول حق الله المتجلي في الكلمة المتجسد ( راجع 14 / 6 و 3 / 11 و 32 و 8 / 13 - 14 و 46 ) . [28] إن الذين ينضمون إلى مرسل الله هم منذ الآن معه لأنهم يعملون بحسب الحق ( راجع 3 / 21 و 6 / 42 و 17 / 2 و 6 و 1 / 47 ) . [29] هذا السؤال ، الذي لا يستدعي جوابا ، يشير في آن واحد إلى ارتياب الموظف الروماني وإلى عجز السلطة السياسية عن تفهم وجهة نظر يسوع ، وهي وجهة نظر الحق . سيعترف بيلاطس ببراءة يسوع ، كما ورد في 19 / 4 و 6 ولو 23 / 4 و 14 و 22 ، وبالألفاظ نفسها . [30] راجع متى 27 / 15 - 26 ومر 15 / 6 - 15 ولو 23 / 17 - 24 . يقتصر يوحنا على سرد الحادثة سردا وجيزا ، مشيرا إلى أنهم فضلوا لصا على يسوع بعد أن جعلوا منه مشاغبا : فالعالم يعرف خاصته . نضيف أن كلمة " لص " كثيرا ما أطلقت على الغيورين الذين قاموا بالعمل السياسي والديني العنيف ( راجع 10 / 8 ) . [1] أرجوانيا : أحمر اللون . [2] راجع متى 27 / 27 - 31 ومر 15 / 16 - 20 . [3] في إنجيلي متى ومرقس ، يأتي الجلد والشتائم بعد الحكم . وفي لو 23 / 16 - 22 ، عرض بيلاطس على الحاضرين ، قبل الحكم ، أن " يعاقب " يسوع . أما في إنجيل يوحنا ، فيبدو أن بيلاطس أمل أن يجعل من ذلك وسيلة إلى صرف النظر ، معتقدا بأن رؤية الرجل البائس المضحك تكفي للدلالة على بطلان ادعاءاته للملك . لكن يوحنا ينظر إلى الأحداث ، ولا شك ، نظرة مختلفة ، ويوحي بأن نرى في يسوع الإنسان الحقيقي الذي يفتتح ، في هذه المذلة نفسها ، الملكية المشيحية .