5 فخاطب بطرس يسوع قال : " رابي [5] ، حسن أن نكون ههنا [6] . فلو نصبنا ثلاث خيم [7] ، واحدة لك ، وواحدة لموسى ، وواحدة لإيليا " . 6 فلم يكن يدري ماذا يقول [8] ، لما استولى عليهم من الخوف . 7 وظهر غمام قد ظللهم [9] ، وانطلق صوت من الغمام يقول : " هذا هو ابني الحبيب ، فله اسمعوا " [10] . 8 فأجالوا الطرف فورا في ما حولهم ، فلم يروا معهم إلا يسوع وحده . 9 وبينما هم نازلون من الجبل ، أوصاهم ألا يخبروا أحدا بما رأوا ، إلا متى قام ابن الإنسان من بين الأموات [11] . 10 فحفظوا هذا الأمر وأخذوا يتساءلون ما معنى " القيامة من بين الأموات " [12] . 11 وسألوه : " لماذا يقول الكتبة إنه يجب أن يأتي إيليا أولا ؟ " [13] . 12 فقال لهم : " إن إيليا يأتي أولا ويصلح كل شئ [14] . فكيف كتب في شأن ابن الإنسان أنه سيعاني آلاما شديدة ويزدرى ؟ [15] 13 على أني أقول لكم إن إيليا قد أتى ، وصنعوا به كل ما أرادوا كما كتب في شأنه " ( 6 ) .
[5] بهذا اللقب التوقيري ، " سيدي " ( من راب : كبير ) ، كانوا ينادون معلمي الشريعة وشخصيات أخرى أيضا . وفي 11 / 21 و 14 / 44 - 45 وراجع 10 / 51 ، يطلق هذا اللقب على يسوع ، في حين أنه يترجم في يو 1 / 38 ب " معلم " . وفي أواخر القرن الأول ، فقدت هذه الكلمة معنى صيغة المنادى ودلت على علماء الشريعة . [6] راجع لو 9 / 33 + . [7] راجع متى 17 / 4 + . [8] العبارة نفسها في مر 14 / 40 . [9] راجع لو 9 / 34 + . [10] يذكر هذا الاعلان للبنوة الإلهية بالاعلان عند اعتماد يسوع . راجع متى 17 / 5 + . [11] راجع متى 17 / 9 + . هذا الواجب بكتم " السر " يذكر بتوصيات أخرى مماثلة ( مر 1 / 34 + ، و 1 / 44 + ، و 5 / 43 و 7 / 36 و 8 / 30 + ) . يوضح مرقس أن السر لن يكشف إلا بعد القيامة ، ويريد بذلك أن هذا الحدث لا يفهم إلا بعد ظهور مجد الذي قام من بين الأموات . وقد يكون مرقس ، بموقفه هذا ، يعكس صدى اهتمامات جماعته : بعد مثل هذا التجلي ، كيف لم يعترف به مشيحا ، في أثناء حياته ؟ [12] قراءة مختلفة : ما معنى " متى قام من بين الأموات " . لم تكن فكرة القيامة هي التي أدهشت التلاميذ ( كان كثير من اليهود يعتقدون بالقيامة ) ، بل طريقة يسوع في الكلام عليها . إنه يخبر بها كأنها قريبة ، في حين أنهم كانوا يتوقعون حصولها في آخر الأزمنة . وما عدا ذلك ، كان القول بأنه لا بد لابن الإنسان من سلوك سبيل الموت والقيامة يبدو غريبا محيرا . [13] كانوا يثيبون مجئ إيليا " أولا " بالاستناد إلى ملا 3 / 23 . وهناك عدة نصوص للربانيين تشير إليه . كانت جماعة قمران تنتظر مجئ نبي ومشحاء من سلالة هارون وإسرائيل ( القانون 11 / 11 ) . [14] إن الفعل المترجم هنا ب " يصلح " هو الفعل الذي اختاره النص اليوناني ل ملا 3 / 24 لترجمة الفعل العبري " يرد " قلب الآباء إلى البنين ( راجع سي 48 / 10 ) . فكان لا بد ليوحنا المعمدان من أن يعمل على المصالحة العامة . لا يعترض يسوع على هذه الفكرة ، لكنها تبدو له غير منسجمة مع آلام المشيح الآتي بعد إيليا . ومهما يكن من أمر ، فقد أتى إيليا ( الآية 13 ) في شخص يوحنا المعمدان ( متى 11 / 14 وراجع مع ذلك يو 1 / 21 ) ، ولكنه لم يقم بخدمة المصالحة ، فقد تألم هو نفسه . [15] ينفرد مرقس بهذه الجملة . عبثا نبحث في الكتب المقدسة عن نص على آلام " ابن الإنسان " . قد يكون في ذلك تلميح إلى آلام " العبد " في اش 52 / 14 و 53 / 4 - 10 ، لكن العبد لا يحمل لقب ابن الإنسان . ( 16 ) هنا أيضا ينفرد مرقس بالاستناد إلى الكتاب المقدس ، ولا وجود في العهد القديم للفكرة القائلة بأن إيليا السابق سيتألم ، وليس لها ذكر واضح في الأدب اليهودي . يرى مرقس أن هناك توازيا وثيقا بين إيليا وابن الإنسان ، فعلى كلاهما أن يتألم . وهكذا يكون مصير يوحنا المعمدان ( راجع 6 / 17 - 29 ) صورة سابقة لمصير المسيح . ولهذا الموضوع من الأهمية في نظر مرقس ما يحمله على الاستعانة بشهادة الكتب المقدسة .