عمانوئيل : العفو يا سيدي فإني قلت : ( ما علي من الناس ) حينما أسعى أنا ووالدي لأجل تبصرنا في معرفة الحق . وخلاصنا من هلكات الأوهام بتثبيت معارفنا على أساس الحقيقة . وأما نظرنا إلى إرشاد الناس . فإنما يحسن منا بعد أن نحكم أساسياتنا في الدين . القس : عد إلى كلامك يا عمانوئيل وفقك الله وسددك . تعليم الإنجيل وضرورة المدنية والاجتماع عمانوئيل : وأما قولك يا والدي : ( إن الأناجيل علمت كثيرا بحسن الأخلاق وحسن السلوك مع الناس والهدو والوداعة ) . فلا يخفى أن تعليم المسيح بذلك الذي نقله التلاميذ لا يمكن أن تكون حقيقته الفائقة كما هو مكتوب . فإن التعليم الصحيح من هذا ما يجري على حدود الحقيقة ولا يضيعها بالإفراط كما تضيع بالتفريط . وهذا إنجيل متى يذكر في الفصل الخامس عن المسيح أنه قال : ( سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا . ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ) وذكر نحوه إنجيل لوقا في الفصل السادس . يا والدي وأنت ترى ما في هذا التعليم من المبالغة والافراط المضر بنظام الاجتماع . وهل يخفى على العارف أن الاجتماع لا ينتظم مع تمام الخضوع للشر والأشرار . بل لا يستغني حسن الاجتماع عن شئ من مدافعة الشر والأشرار وإرهابهم بقانون القصاص والتأديب مع الوصية بفضيلة العفو وملاطفة العواطف بحيث يعطي كل مقام حقه من صالح الدفاع والسياسة