نام کتاب : الثقافة الروحية في إنجيل برنابا نویسنده : محمود علي قراعة جلد : 1 صفحه : 13
لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها ، ولا لراحة واصلة إليه ولا لثقل شئ منها عليه ، لم يمله طول بقائها ، فيدعوه إلى سرعة إفنائها ، لكنه سبحانه دبرها بلطفه ، وأمسكها بأمره ، وأتقنها بقدرته ، ثم يعبدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها ، ولا استعانة بشئ منها عليها ، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس ، ولا من حال جهل وعمى إلى حال علم والتماس ، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة ، ولا من ذل وضعة إلى عز وقدرة [1] " ! ( 1 ) أذكر أن لي قريبا دفعه حقده إلى أن يأمر أولاده بعدم تحيتي ، فأساء بذلك تربيتهم وهدم بذلك ركنا ركينا من تأديبهم ، ولكن له طفلة أسعد بتحيتها في الصباح كلما توجهت إلى عملي ، بابتسامة بريئة عذبة ، هي ابتسامة وبراءة الفطرة ! وكنت في صغرى أسكن بجواز مخزن للخمور لمسيحي ، فتوهمت أني أكون خيرا لو أفسدت على صاحب المخزن بضاعته ، فكنت أجمع الصبية من جيراني ونلقي من فوق السطح بالقاذورات والأتربة على براميل الخمور المعتقة لكي نفسدها ، فلما كبرت وتثقفت ، فهمت أن تحريم الخمر على المسلم ، لا يبيح له التعدي على ملك الغير بهذه الطريقة الهمجية ، وأن النصح يكون بإتيان البيوت من أبوابها ، لا بالاعتداء على مال متقوم بالنسبة لصاحبه المسيحي ، أمرنا أن نرعى عهده ونحفظ وده ! وبذا نرى أن فطرة الطفلة في الأولى ، دعتها إلى إهمال دعاية والدها الفاسدة في عداء لقريبها لا تفهمه ولا تفهم له معنى ، وبراءتها دفعتها إلى ابتسامتها الحلوة ، كما أن جهلي في صغرى حاد بي عن فهم ما يجب أن يكون في معاملة الغير ، وصور لي الباطل حقا ! ووجدت يوما وأنا كبير في مجتمع مسيحي ، فسمعت الأذان وكان يجب علي كمسلم أن أردده مع المؤذن - ولو في سري - ، ولكن ظننت خطأ أن المجاملة لهؤلاء المجتمعين هي في السكوت وفي عدم الرد على المؤذن ، فشعر قلبي في الحال بكبر إثم هذا الإغفال ، ووخزني قلبي وطعنني ضميري