نام کتاب : فقه السنة نویسنده : الشيخ سيد سابق جلد : 1 صفحه : 286
قصرت ما لم يستوطن المكان الذي أقام فيه . وللعلماء في ذلك آراء كثيرة ، لخصها ابن القيم وانتصر لرأيه فقال : ( أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ولم يقل للأمة لا يقصر الرجل الصلاة إذا أقام أكثر من ذلك ، ولكن اتفق إقامته هذه المدة ) . وهذه الإقامة في حال السفر لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أم قصرت إذا كان غير مستوطن ولا عازم على الإقامة بذلك الموضع ، وقد اختلف السلف والخلف في ذلك اختلافا كثيرا . ففي صحيح البخاري عن ابن عباس قال : ( أقام النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين فنحن إذا أقمنا تسع عشرة نصلي ركعتين وإن زدنا على ذلك أتممنا ) . وظاهر كلام أحمد ان ابن عباس أراد مدة مقامه بمكة زمن الفتح فإنه قال : ( أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثماني عشرة يوما من الفتح لأنه أراد حنينا ولم يكن ثم أجمع المقام ) وهذه إقامته التي رواها ابن عباس . وقال غيره بل أراد ابن عباس مقامه بتبوك كما قال جابر ابن عبد الله : ( أقام النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ) . رواه الإمام أحمد في مسنده ز وقال المسور بن مخرمة : ( أقمنا مع سعد ببعض قرى الشام أربعين ليلة يقصرها سعد ونتمها ) . وقال نافع : ( أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين وقد حال الثلج بينه وبين الدخول ) . وقال حفص بن عبيد الله : ( أقام أنس بن مالك بالشام سنتين يصلي صلاة المسافر ) . وقال أنس : أقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برام هرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة ) . وقال الحسن : ( أقمت مع عبد الرحمن ابن سمرة بكابل سنتين يقصر الصلاة ولا يجمع ) . وقال إبراهيم : ( كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك وسجستان السنتين ) . فهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما ترى وهو الصواب . وأما مذهب الناس فقال الإمام أحمد : إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم وإن نوى دونها قصر . وحمل هذه الآثار على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يجمعوا [1] الإقامة البتة بل كانوا يقولون اليوم نخرج غدا نخرج . وفي هذا نظر لا يخفى ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة ، وهي ما هي ، وأقام فيها يؤسس قواعد