نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 87
حنيفة وأصحابه إلى أنها لا تجوز في هذه الأوقات صلاة بإطلاق ، لا فريضة مقضية ، ولا سنة ، ولا نافلة إلا صر يومه ، قالوا : فإنه يجوز أن يقضيه عند غروب الشمس إذا نسيه . واتفق مالك والشافعي أنه يقضي الصلوات المفروضة في هذه الأوقات . وذهب الشافعي إلى أن الصلوات التي لا تجوز في هذه الأوقات ، هي النوافل فقط التي تفعل لغير سبب ، وأن السنن مثل صلاة الجنازة تجوز في هذه الأوقات ، ووافقه مالك فذلك بعد العصر ، وبعد الصبح : أعني في السنن ، وخالفه في التي تفعل لسبب مثل ركعتي المسجد ، فإن الشافعي يجيز هاتين الركعتين بعد العصر ، وبعد الصبح ، ولا يجيز ذلك مالك ، واختلف قول مالك في جواز السنن عند الطلوع ، والغروب . وقال الثوري في الصلوات التي لا تجوز في هذه الأوقات هي ما عدا الفرض ، ولم يفرق سنة من نفل ، فيتحصل في ذلك ثلاثة أقوال : قول هي الصلوات بإطلاق . وقول إنها ما عدا الفروض ، سواء كانت سنة ، أو نفلا . وقول : إنها النفل دون السنن . وعلى الرواية التي منع مالك فيها صلاة الجنائز عند الغروب قول رابع ، وهو أنها النفل فقط بعد الصبح والعصر ، والنفل ، والسنن معا عند الطلوع والغروب . وسبب الخلاف في ذلك : اختلافهم في الجمع بين العمومات المتعارضة في ذلك : أعني الواردة في السنة ، وأي يخص بأي ؟ وذلك أن عموم قوله عليه الصلاة والسلام : إذا نسي أحدكم الصلاة ، فليصلها إذا ذكرها يقتضي استغراق جميع الأوقات وقوله في أحاديث النهي في هذه الأوقات : نهى رسول الله ( ص ) عن الصلاة فيها يقتضي أيضا عموم أجناس الصلوات المفروضات والسنن ، والنوافل ، فمتى حملنا الحديثين على العموم في ذلك ، وقع بينهما تعارض ، هو من جنس التعارض الذي يقع بين العام ، والخاص ، إما في الزمان ، وإما في اسم الصلاة . فمن ذهب إلى الاستثناء في الزمان : أعني استثناء الخاص من العام ، منع الصلوات بإطلاق في تلك الساعات ، ومن ذهب إلى استثناء الصلاة المفروضة المنصوص عليها بالقضاء من عموم اسم الصلاة المنهي عنها ، منع ما عدا الفرض في تلك الأوقات . وقد رجح مالك مذهبه من استثناء الصلوات المفروضة من عموم لفظ الصلاة بما ورد من قوله عليه الصلاة والسلام : من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس ، فقد أدرك العصر ولذلك استثنى الكوفيون عصر اليوم من الصلوات المفروضة ، لكن قد كان يجب عليهم أن يستثنوا من ذلك صلاة الصبح أيضا للنص الوارد فيها ولا يردوا ذلك برأيهم من أن المدرك لركعة قبل الطلوع يخرج للوقت المحظور ، والمدرك لركعة قبل الغروب يخرج للوقت المباح . وأما الكوفيون فلهم أن يقولوا : إن هذا الحديث ليس يدل على استثناء الصلوات المفروضة من عموم اسم الصلاة التي تعلق النهي بها في تلك الأيام ، لان عصر اليوم ليس في معنى سائر الصلوات المفروضة ، وكذلك كان لهم أن يقولوا في الصبح - لو سلموا أنه يقضي في الوقت المنهي عنه ، فإذا الخلاف بينهم آيل إلى أن المستثنى الذي ورد به اللفظ
87
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 87