نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 302
وأما من أين يساق الهدي ؟ فإن مالكا يرى أن من سنته أن يساق من الحل ، ولذلك ذهب إلى أن من اشترى الهدي بمكة ولم يدخله من الحل أن عليه أن يقفه بعرفة ، وإن ليفعل فعليه البدل . وأما إن كان أدخله من الحل فيستحب له أن يقفه بعرفة ، وهو قول ابن عمر وبه قال الليث . وقال الشافعي والثوري وأبو ثور : وقوف الهدي بعرفة سنة ، ولا حرج على من لم يقفه كان داخلا من الحل أو لم يكن . وقال أبو حنيفة : ليس توقيف الهدي بعرفة من السنة . وحجة مالك في إدخال الهدي من الحل إلى الحرم أن النبي عليه الصلاة والسلام كذلك فعل وقال : خذوا عني مناسككم وقال الشافعي : التعريف سنة مثل التقليد . وقال أبو حنيفة : ليس التعريف بسنة ، وإنما فعل ذلك رسول الله ( ص ) لان مسكنه كان خارج الحرم . وروي عن عائشة التخيير في تعريف الهدي أو لا تعريفه . وأما محله فهو البيت العتيق كما قال تعالى : * ( ثم محلها إلى البيت العتيق ) * وقال : * ( هديا بالغ الكعبة ) * وأجمع العلماء على أن الكعبة لا يجوز لاحد فيها ذبح ، وكذلك المسجد الحرام . وأن المعنى في قوله : ( هديا بالغ الكعبة ) * أنه إنما أراد به النحر بمكة إحسانا منه لمساكينهم وفقرائهم . وكان مالك يقول : إنما المعنى في قوله : * ( هديا بالغ الكعبة ) * مكة ، وكان لا يجيز لمن نحر هديه في الحرم إلا أن ينحره بمكة . وقال الشافعي وأبو حنيفة : إن نحره في غير مكة من الحرم أجزأه وقال الطبري : يجوز نحر الهدي حيث شاء المهدي إلا هدي القران ، وجزاء الصيد فإنهما لا ينحران إلا بالحرم . وبالجملة فالنحر بمنى إجماع من العلماء وفي العمرة بمكة . إلا ما اختلفوا فيه من نحر المحصر وعند مالك إن نحر للحج بمكة والعمرة بمنى أجزأه ، وحجة مالك في أنه لا يجوز النحر بالحرم إلا بمكة قوله ( ص ) : وكل فجاج مكة وطرقها منحر واستثنى مالك من ذلك هدي الفدية ، فأجاز ذبحه بغير مكة . وأما متى ينحر فإن مالكا قال : إن ذبح هدي التمتع أو التطوع قبل يوم النحر لم يجزه ، وجوزه أبو حنيفة في التطوع ، وقال الشافعي : يجوز في كليهما قبل يوم النحر ، ولا خلاف عند الجمهور أن ما عدل من الهدي بالصيام أنه يجوز حيث شاء ، لأنه لا منفعة في ذلك لا لأهل الحرم ولا لأهل مكة ، وإنما اختلفوا في الصدقة المعدولة عن الهدي فجمهور العلماء على أنها لمساكين مكة والحرم . لأنها بدل من جزاء الصيد الذي هو لهم ، وقال مالك : الاطعام كالصيام يجوز بغير مكة . وأما صفة النحر فالجمهور مجمعون على أن التسمية مستحبة فيها لأنها زكاة ، ومنهم من استحب مع التسمية التكبير . ويستحب للمهدي أن يلي نحر هديه بيده ، وإن استخلف جاز . وكذلك
302
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد جلد : 1 صفحه : 302