نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 392
صور المدركات الحسية والمنتزعات الذهنية تحت عالم القلب الشاغلة عن حقيقتها وبروز المستكن فيها ، فبعروض التسويل والتدليس فيها بين الجنودين يخفى على الإنسان ما هو الكامن في نقطة القلب . فتارة يتخيل التقرب إلى الله بالخيال والحواس ، وأخرى لشدة الخلط ينجر إلى الوسواس ، وثالثة يتوهم الصدور من غير شعور ، وإنما الناقد البصير والمجاهد الخبير يطلع على الوفاء والخلف بالاطراد والتخلف بمزاولة الأعمال ومراقبة الأحوال بحسب الخلوة والحضور والأزمنة والأمكنة . فإن أدرك عن نفسه الإخلاص فنعم المفر والمناص ، ولا يضره عدم الشعور به عند الشروع فيه ، لكمونه في القلب كالروح في الجسد ، وهو المراد من التلبس بالنية الحاصل بارتفاع دواعي الجهل عن نظر الفؤاد والتفاته إلى الصدق والسداد . وقد علم أن الداعي أمر واقعي ، وليس مجرد الخيال والأخطار بالبال ، بل الحق امتناع ذلك بعد الشروع في الأقوال والأفعال ، لعدم صدورها إلا عن تصور وشعور وإدراك وحضور ، كالعبد المشتغل على السؤال والجواب القائم مقام الخطاب بين يدي المولى بأنواع الخوف والرجاء ، حيث لا يلتفت إلى الغاية المقصودة أصلا وإن كان بعد مراجعة القلب يعرف الداعي إليه والغرض منه ، وذلك الأمر يحتجب بصور الأعمال والأقوال المخطرة بالبال التفاتا إلى لوح الخيال ، وينكشف بعروض المنافيات وتبدل الأوقات . وهذا لو وجد دام حقيقة [1] - كالروح في البدن - ولو عند الذهول أو خطور غيره بعد الدخول ما لم ينشأ المنافي من الطرف المقابل ، ولا يفرق حينئذ بين المخطر والذاهل ، وهكذا الكلام في كل عمل مع غايته المقصودة في بدايته ، وعليه طريقة العباد في أمر المعاش والمعاد . وليس مصب الأدلة في النية إلا هذه الطريقة ، لصدق الامتثال بقصد الأفعال لداع معين وإن لم يخطر بالبال .