وَلَا يَتَصَدَّقُونَ وَلَا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَيَهْدُونَ لَهُ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَعْمَلُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَحَجٍّ وَصَدَقَةٍ وَقِرَاءَةٍ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ؛ بِخِلَافِ الْوَالِدَيْنِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا عَمِلَهُ الْمُسْلِمُ مِن الخَيْرِ يَكُونُ لِوَالِدَيْهِ مِثْلُ أَجْرِهِ وَلِهَذَا يُهْدِي الثَّوَابَ لِوَالِدَيْهِ وَغَيْرِهِمَا .وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطِيعٌ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْله تَعَالَى { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ } { وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ } فَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرْغَبُ إلَى غَيْرِ اللَّهِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ : { يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفاً بِغَيْرِ حِسَابٍ هُمْ الَّذِينَ لَا يسترقون وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } .فَهَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِهِ وَقَدْ مَدَحَهُمْ بِأَنَّهُمْ لَا يسترقون وَالِاسْتِرْقَاءُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَرْقِيَهُ وَالرُّقْيَةُ مِنْ نَوْعِ الدُّعَاءِ وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَا يَطْلُبُ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَهُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى فِي هَذَا : " لَا يَرْقُونَ " ضَعِيفَةٌ غَلَطٌ ؛ فَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ لِأُمَّتِهِ بِالدُّعَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ سُؤَالِ الْمَخْلُوقِ لِلْمَخْلُوقِ الَّذِي غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ ؛ فَإِنَّ مَنْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ - بَلْ لَا يَسْأَلُ إلَّا اللَّهَ - أَفْضَلُ مِمَّنْ يَسْأَلُ النَّاسَ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ .وَدُعَاءُ الْغَائِبِ لِلْغَائِبِ أَعْظَمُ إجَابَةً مِنْ دُعَاءِ الْحَاضِرِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ إخْلَاصاً وَأَبْعَدُ عَنْ الشِّرْكِ فَكَيْفَ يُشْبِهُ دُعَاءَ مَنْ يَدْعُو لِغَيْرِهِ بِلَا سُؤَالٍ مِنْهُ إلَى دُعَاءِ