هُوَ أَصَحُّ مِنْ صَحِيحِ الْحَاكِمِ .وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : إذَا دَخَلْت فَسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا تَتَّخِذُوا بَيْتِي عِيداً وَلَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ قُبُوراً وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ } .وَمِمَّا يُوهِنُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا " وَلَمْ تَصْرِفْ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَوَسَّلُ النَّاسُ بِشَفَاعَتِهِ وَهَذَا حَقٌّ كَمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ لَكِنْ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فِي حَيَاتِهِ فَإِنَّمَا ذَاكَ طَلَبٌ لِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فَنَظِيرُ هَذَا - لَوْ كَانَتْ الْحِكَايَةُ صَحِيحَةً - أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ قَبْرِهِ .وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا سَنَّهُ لِأُمَّتِهِ وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا اسْتَحَبَّهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُ مِن الأَئِمَّةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى مَالِكٍ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ إلَّا جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ وَلَا الْأَحْكَامَ الْمَعْلُومَةَ أَدِلَّتُهَا الشَّرْعِيَّةُ مَعَ عُلُوِّ قَدْرِ مَالِكٍ وَعِظَمِ فَضِيلَتِهِ وَإِمَامَتِهِ وَتَمَامِ رَغْبَتِهِ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَذَمِّ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا ؟ وَهَلْ يَأْمُرُ بِهَذَا أَوْ يَشْرَعُهُ إلَّا مُبْتَدِعٌ ؟ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ يُنَاقِضُ هَذَا لَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا .ثُمَّ قَالَ فِي الْحِكَايَةِ : " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعْك اللَّهُ " وَالِاسْتِشْفَاعُ بِهِ