وَالثَّانِي : أَمْرٌ مَكْرُوهٌ مُبْغَضٌ مَطْلُوبُ الْعَدَمِ .وَالثَّالِثُ : الْوَسِيلَةُ إلَى حُصُولِ الْمَطْلُوبِ الْمَحْبُوبِ .وَالرَّابِعُ : الْوَسِيلَةُ إلَى دَفْعِ الْمَكْرُوهِ ، فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْأُمُورِ ضَرُورِيَّةٌ لِلْعَبْدِ بَلْ وَلِكُلِّ حَيٍّ لَا يَقُومُ وُجُودُهُ وَصَلَاحُهُ إلَّا بِهَا ؛ وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِحَيِّ فَالْكَلَامُ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ .إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَبَيَانُ مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ وُجُوهٍ : - أَحَدُهَا : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْمَدْعُوَّ الْمَطْلُوبَ ، وَهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَمَا سِوَاهُ هُوَ الْمَكْرُوهُ ، وَهُوَ الْمُعِينُ عَلَى دَفْعِ الْمَكْرُوهِ ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْجَامِعُ لِلْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ دُونَ مَا سِوَاهُ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ : { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فَإِنَّ الْعُبُودِيَّةَ تَتَضَمَّنُ الْمَقْصُودَ الْمَطْلُوبَ ؛ لَكِنْ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ ، وَالْمُسْتَعَانُ هُوَ الَّذِي يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ ؛ فَالْأَوَّلُ مِنْ مَعْنَى الْأُلُوهِيَّةِ .وَالثَّانِي مِنْ مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ ؛ إذْ الْإِلَهُ : هُوَ الَّذِي يُؤَلَّهُ فَيُعْبَدُ مَحَبَّةً وَإِنَابَةً وَإِجْلَالاً وَإِكْرَاماً وَالرَّبُّ : هُوَ الَّذِي يُرَبِّي عَبْدَهُ فَيُعْطِيهِ خَلْقَهُ ثُمَّ يَهْدِيهِ إلَى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ مِن العِبَادَةِ وَغَيْرِهَا ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } .وَقَوْلُهُ : { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } .وَقَوْلُهُ : { عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } .وقَوْله تَعَالَى { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } .وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } وَقَوْلُهُ : { وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } { رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً } فَهَذِهِ سَبْعَةُ مَوَاضِعَ تَنْتَظِمُ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ الْجَامِعَيْنِ .