فَالْبَائِعُ يَسْأَلُ الثَّمَنَ وَالْمُشْتَرِي يَسْأَلُ الْمَبِيعَ .وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى { وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ } .وَمِن السُّؤَالِ مَا لَا يَكُونُ مَأْمُوراً بِهِ وَالْمَسْؤُولَ مَأْمُورٌ بِإِجَابَةِ السَّائِلِ .قَالَ تَعَالَى : { وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ } { لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } وَقَالَ تَعَالَى : { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ } وَمِنْهُ الْحَدِيثُ { إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَيَخْرُجُ بِهَا يَتَأَبَّطُهَا نَاراً } وَقَوْله { اقْطَعُوا عَنِّي لِسَانَ هَذَا } وَقَدْ يَكُونُ السُّؤَالُ مَنْهِيّاً عَنْهُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ وَإِنْ كَانَ الْمَسْؤُولُ مَأْمُوراً بِإِجَابَةِ سُؤَالِهِ .فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ كَمَالِهِ أَنْ يُعْطِيَ السَّائِلَ وَهَذَا فِي حَقِّهِ مِنْ فَضَائِلِهِ وَمَنَاقِبِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَإِنْ كَانَ نَفْسُ سُؤَالِ السَّائِلِ مَنْهِيّاً عَنْهُ .وَلِهَذَا لَمْ يُعْرَفْ قَطُّ أَنَّ الصِّدِّيقَ وَنَحْوَهُ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ سَأَلُوهُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ وَلَا سَأَلُوهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَطْلُبُونَ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا { أَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ لَمَّا اسْتَأْذَنُوهُ فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِنَا إذَا لَقِينَا الْعَدُوَّ غَداً رِجَالاً جِيَاعاً وَلَكِنْ إنْ رَأَيْت أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَتَجْمَعُهَا ثُمَّ تَدْعُوَ اللَّهَ بِالْبَرَكَةِ فَإِنَّ اللَّهَ يُبَارِكُ لَنَا فِي دَعْوَتِك .وَفِي رِوَايَةٍ : فَإِنَّ اللَّهَ سَيُغِيثُنَا بِدُعَائِك .} وَإِنَّمَا كَانَ سَأَلَهُ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا سَأَلَهُ الْأَعْمَى أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَكَمَا سَأَلَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لِخَادِمِهِ أَنَسٍ وَكَمَا سَأَلَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَهُ وَأُمَّهُ إلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ .وَأَمَّا الصِّدِّيقُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ وَفِي مِثْلِهِ : { وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى } { الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ