غَوْثٍ فَمِنْ عِنْدِهِ وَإِنْ كَانَ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ فَالْحَقِيقَةُ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلِغَيْرِهِ مَجَازٌ .قَالُوا : مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْمُغِيثُ وَالْغِيَاثُ وَجَاءَ ذِكْرُ الْمُغِيثِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالُوا وَاجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى ذَلِكَ .وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحليمي : الْغِيَاثُ هُوَ الْمُغِيثُ وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ وَمَعْنَاهُ الْمُدْرِكُ عِبَادَهُ فِي الشَّدَائِدِ إذَا دَعَوْهُ وَمُجِيبُهُمْ وَمُخَلِّصُهُمْ وَفِي خَبَرِ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الصَّحِيحَيْنِ : { اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا } يُقَالُ أَغَاثَهُ إغَاثَةً وَغِيَاثاً وَغَوْثاً وَهَذَا الِاسْمُ فِي مَعْنَى الْمُجِيبِ وَالْمُسْتَجِيبِ قَالَ تَعَالَى : { إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } إلَّا أَنَّ الْإِغَاثَةَ أَحَقُّ بِالْأَفْعَالِ وَالِاسْتِجَابَةَ أَحَقُّ بِالْأَقْوَالِ وَقَدْ يَقَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْقِعَ الْآخَرِ .قَالُوا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَغِيثِ وَالدَّاعِي أَنَّ الْمُسْتَغِيثَ يُنَادِي بِالْغَوْثِ .وَالدَّاعِيَ يُنَادِي بِالْمَدْعُوِّ وَالْمُغِيثِ .وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مِنْ صِيغَةِ الِاسْتِغَاثَةِ يَا لَلَّهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِي أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ وَا غَوْثَاهُ وَيَقُولَ إنِّي سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ : { إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ { : يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ بِرَحْمَتِك أَسْتَغِيثُ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ وَلَا تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلَا إلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِك } .وَالِاسْتِغَاثَةُ بِرَحْمَتِهِ اسْتِغَاثَةٌ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ بِصِفَاتِهِ اسْتِعَاذَةٌ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ وَكَمَا أَنَّ الْقَسَمَ بِصِفَاتِهِ قَسَمٌ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ فَفِي الْحَدِيثِ : { أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وَفِيهِ { أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك وَبِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك } .