نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 199
أبي هريرة كحديث إتيانه يوم القيامة وحديث النزول والضحك وأمثال ذلك كلها على الإثبات ، ولم ينقل عن أبي هريرة حرف واحد في النفي من جنس قول النفاة . مذهب الجهمية في الصفات : وأما الجهمية المتكلمة فيقولون أن القرينة الصارفة لهم عما دل عليه الخطاب هو العقل ، فاكتفى بالدلالة العقلية الموافقة لمذهب النفاة : فيقال لهم أولاً : فحينئذ إذا كان ما تكلم به إنما يفيدهم مجرد الضلال وإنما يستفيدون الهدى من عقولهم ، كان الرسول قد نصب لهم أسباب الضلال ، ولم ينصب لهم أسباب الهدى ، وأحالهم في الهدى على نفوسهم ، فيلزم على قولهم إن تركهم في الجاهلية خير لهم من هذه الرسالة التي لم تنفعهم بل ضرتهم . ويقال لهم ثانياً : فالرسول صلى الله عليه وسلم قد بين الإثبات الذي هو أظهر في العقل من قول النفاة ، مثل ذكره لخلق الله وقدرته ومشيئته وعلمه ونحو ذلك من الأمور التي تعلم بالعقل أعظم مما يعلم نفي الجهمية ، وهو لم يتكلم بما يناقض هذا الإثبات ، فكيف يحيلهم على مجرد العقل في النفي الذي هو أخفى وأدق ، وكلامه لم يدل عليه بل دل على نقيضه وضده ومن نسب هذا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فالله حسيبه على ما يقول . والمراتب ثلاث ، إما أن يتكلم بالهدى أو بالضلال أو يسكت عنهما ، ومعلوم أن السكوت عنهما خير من التكلم بما يضل ، وهنا يعرف بالعقل أن الإثبات لم يسكت عنه بل بينه ، وكان ما جاء به السمع موافقاً للعقل ، فكان الواجب فيما ينفيه العقل ، أن يتكلم فيه بالنفي كما فعل فيما يثبته العقل ، وإذا لم يفعل ذلك كان السكون عنه أسلم للأمة .
199
نام کتاب : مجموعة الرسائل والمسائل نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 199