وفي ( سفر السعادة ) : وقد ثبت رفع اليدين في هذه المواضع الثلاثة ، ولكثرة رواته شابه المتواتر . فقد صح في هذا الباب أربعمائة خبر وأثر ، رواه العشرة المبشرة . ونقل ابن الجوزي في ( نزهة الناظر للمقيم والمسافر ) عن المزني أنه قال : سمعت الشافعي يقول لا يحل لأحد سمع حديث رسول الله ( ص ) في رفع اليدين في افتتاح الصلاة ، وعند الركوع والرفع من الركوع أن يترك الاقتداء بفعله ( ص ) . وهذا صريح في أنه يوجب ذلك . وبالجملة فقد ثبت رفع اليدين في المواضع الأربعة المذكورة بروايات صحيحة ثابتة ، وآثار مرضية راجحة ، ومذاهب حقة صادقة عن النبي ( ص ) ، وعن كبراء الصحابة ، وعظماء العلماء والفقهاء ، والمحدثين ، والمجتهدين بحيث لا يشوبها نسخ ، ولا تعارض حتى ادعى بعضهم التواتر ، ولا أقل من أن تكون مشهورة [1] . وفي فروع الكافي للكليني ( من الإمامية ) قال : " سمع الله لمن حمده " ، ثم كبر وهو قائم ، ورفع يديه حيال وجهه [2] . وفيه : فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير ، وخر ساجدا [3] . وفيه : عن زرارة قال ، قال أبو جعفر ( ع ) : إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع يديك ، وكبر ثم اركع واسجد [4] . أقول : قد ثبت من كتب الفريقين رفع اليدين عند الركوع والرفع منه ، وبين السجدتين والرفع عنهما من غير شبهة ، فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر . وخلاف ذلك تتنفر منه الطباع ، ولا تقبله الأسماع ، والحق ما قاله القائل : ( وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر ) فصل : في إرسال اليدين تفحصت كثيرا من كتب أهل السنة فلم أجد حديثا مرفوعا قوليا ضعيفا ولا قويا في قبض اليدين ، لا تحت السرة ولا فوقها ، لا متصلا ولا منفصلا ، فإذا لم يثبت ( القبض ) ثبت ( الإرسال ) ضرورة ، وفطرة ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) - لأن الإنسان إذا تولد تكون يداه مرسلتين ، وإذا مشى مشى هكذا ، وإذا نام نام هكذا ، وإذا مات مات هكذا ، وإذا غسل وكفن وضع هكذا ، وإذا دفن دفن هكذا ، وإذا حشر وأعطى كتابه بيمينه أو شماله كان هكذا ، مع أن أحاديث القبض مستلزمة للتعارض للوضع المكاني ، ففي بعضها تحت ( السرة ) ، وفي بعضها فوقها وفي بعضها فوق الصدر .