فيؤدي ذلك إلى الضلال . وفي فتح الباري في شرحه قوله " أكتب لكم كتابا " قال : هو تعيين الخليفة بعده . وفي شرح مسلم للنووي : اختلف العلماء في الكتاب الذي هم النبي ( ص ) لكتابته فقيل أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع نزاع ، وفتن . قوله : " قلت يا بن عباس " قائله سعيد بن جبير الراوي عن ابن عباس . قوله " أهجر " في ( اللمعات ) : أهجر ( بألف الاستفهام ) أي اختلط كلامه بسبب المرض . وفي تشييد المطاعن قال العيني في شرح البخاري في ( كتاب الجهاد ) لفظ ( هجر ) بدون الهمزة . وقال عياض معنى ( هجر ) أفحش ، ويقال هجر الرجل إذا هذى وأهجر . قلت : نسبته مثل هذا إلى النبي ( ص ) لا تجوز لأن وقوع مثل هذا الفعل عنه ( عليه الصلاة والسلام ) مستحيل لأنه معصوم في كل حالة في صحته ، ومرضه لقوله تعالى " وما ينطق عن الهوى " ، ولقوله " لا أقول في الغضب والرضا إلا حقا " . وقد تكلموا في هذا الموضع كثيرا ، وأكثره لا يجدي نفعا . والذي ينبغي أن يقال : إن الذين قالوا " ما شأنه أهجر " أو " هجر " - بالهمزة وبدونها - هم الذين كانوا قريبي العهد بالإسلام ، ولم يكونوا عالمين بأن هذا القول لا يليق في حقه لأنه ليس مثل سائر الناس من حيث الطبيعة البشرية إذا اشتد الوجع ، ( هكذا قرر العيني ، والقرطبي ، ونقله في الفتح ) [1] . ماذا تقولون في يوم ( الحساب ) غدا * لما زعمتم ربيب الوحي قد ( هجرا ) [2] قوله " أجيزوا الوفد " ، في ( المرقاة ) : أي أعطوا الجائزة ، والعطية ، وأكرموهم . وفي كنز العمال ، ( رواه ابن سعد عن عمر ) : روى الطبراني في ( الأوسط ) عن عمر قال : لما مرض النبي ( ص ) قال ادعوا إلى الصحيفة والدواة أكتب كتابا لا تضلوا بعده أبدا . فقال النسوة من وراء الستر : إلا تسمعون ما يقول رسول الله ( ص ) فقلت : إنكن صواحبات يوسف إذا مرض رسول الله عصرتن أعينكن ، وإذا صح ركبتن عنقه فقال رسول الله : دعوهن فإنهن خير منكم [3] . وفي تجريد أحاديث البخاري مع عون الباري ( حديث طلب القرطاس ) قال عمر : إن النبي ( ص ) غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا . فاختلفوا وكثر اللغط قال : قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع [4] . قال الحافظ في الفتح : ولما وقع منهم الاختلاف ارتفعت البركة كما جرت العادة بذلك عند وقوع التنازع والتشاجر . وقد مضى في الصيام أنه ( ص ) خرج يخبرهم بليلة القدر فرأى رجلين
[1] فتح الباري ، ج 4 ، ص 100 . [2] ورد هذا البيت في الأصل باللغة الأوردية ، وهو للذاكر نور حسين مؤلف كتاب ( أسياف الإمامة ) . [3] كنز العمال ، ج 3 ، ص 138 ، وج 4 ، ص 52 . [4] تجريد أحاديث البخاري ، ج 1 ، ص 330 .