وفيه : اجتمع بنو ( هاشم ) عند بيعة الأنصار إلى علي بن أبي طالب ، ومعهم الزبير بن العوام ، وتخلف سعد بن عبادة فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ، ولا يجمع بجمعتهم ، ولا يفيض بإفاضتهم ، ولو يجد عليهم أعوانا لصال بهم ، ولو يبايعه أحد على قتالهم لقاتلهم ، فلم يزل كذلك حتى توفي أبو بكر ، وولي عمر بن الخطاب ، فخرج إلى الشام فمات بها ولم يبايع لأحد ( رحمه الله ) . وحكى ابن عبد البر في ( الإستيعاب ) : أن سعدا أبى أن يبايع أبا بكر حتى لقي الله ، ( هكذا في الصواعق ) [1] . وفي حياة الحيوان : ومما اشتهر أن سعد بن عبادة سار إلى الشام - لما بايع الناس أبا بكر - فنزل ( حوران ) ، وأقام بها حتى مات في سنة خمس عشرة ، ( ثم قال ) : ووقع في صحيح مسلم أن سعدا شهد بدرا [2] . في تقريب التهذيب : سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي أحد النقباء ، وسيد الخزرج ، وأحد الأجواد . وفي شرح الفقه الأكبر لعلي القاري : الأنصار كلهم بايعوا أبا بكر إلا سعد بن عبادة [3] . في الإمامة والسياسة ، والتاريخ الكامل : بعث أبو بكر إلى سعد أن إقبل فبايع ، فقد بايع الناس ، وبايع قومك . فقال : أما والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل ، وأخضب منكم أسيافي ، ورمحي ، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي ، وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي ، إلى أن قال : قال عمر : لا تدعه حتى يبايعك فقال لهم قيس بن سعد إنه قد أبى وألح ، وليس يبايعك حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده ، وأهل بيته ، وعشيرته ، ولن تقتلوهم حتى تقتل الخزرج ولن تقتل الخزرج ، حتى تقتل الأوس ، فلا تفسدوا على أنفسكم أمرا قد استقام لكم فاتركوه [4] . وفي كنز العمال بمعناه وزاد : فقبل أبو بكر نصيحة بشير بن سعد [5] . في ( الإمامة والسياسة ) : أما علي ، والعباس بن عبد المطلب ، ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم ، ومعهم الزبير بن العوام فذهب إليهم عمر في عصابته فيهم أسيد بن خضير ، وسلمة ابن أشيم فقالوا : إنطلقوا فبايعوا أبا بكر فأبوا ، فخرج الزبير بن العوام بالسيف فقال عمر : عليكم بالرجل فخذوه . فوثب عليه سلمة بن أشيم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار وانطلقوا به فبايع . ( ثم قال ) : ثم إن عليا أتي به إلى أبي بكر وهو يقول أنا عبد الله أخو رسول الله . فقيل به : بايع أبا بكر ، فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة ، بي أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ، وتأخذوه منا أهل البيت غصبا ، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم . ولما كان محمد منكم أعطوكم المقادة ، وسلموا إليكم الإمارة ، فإذا احتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار : نحن أولى برسول الله ( ص ) حيا وميتا فأنصفونا إن كنتم تؤمنون وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون . فقال له عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع ، فقال له علي : أحلب حلبا لك شطره ، وشد له اليوم
[1] الإمامة والسياسة ، ص 6 ، 11 ، والصواعق المحرقة ، ص 7 . [2] حياة الحيوان ، ج 1 ، ص 188 . [3] شرح الفقه الأكبر ، ص 75 . [4] التاريخ الكامل ، ج 2 ، ص 160 . [5] كنز العمال ، ج 3 ، ص 134 .