ملخصا ) . أقول ( وبه أستعين ) : الحاصل من هذا الباب أن الجمع بين الصلاتين عند الفريقين جائز ( جمعا حقيقيا جمع تقديم وجمع تأخير ، لا جمعا صوريا ) بالكتاب الكريم ، والسنة الصحيحة ، وعمل الصحابة ، ومن بعدهم بلا عذر ولا مرض ولا سفر ولا مطر ولا خوف لإرادة اليسر ، ورفع المشقة بأذان واحد ، وإقامتين ، ومن قال خلاف ذلك فقد خالف الله ورسوله وجعل خلقه في ضيق ، وجعل يسره عسرا ، أو عطاءه ممنوعا ، وليس لأحد أن يشاقق الله ورسوله من تلقاء نفسه أو تقليد أحد ، " ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما " . فصل : في أن الدين يسر لما ذكرنا أن الجمع بين الصلاتين يسر في الدين من الله سبحانه فأردنا أن نثبت يسر الدين كما ينبغي ، فنقول : الأصل فيه قوله سبحانه : " يريد الله بكم اليسر ، ولا يريد بكم العسر " ، و " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " ، و " يريد الله أن يخفف عنكم " ، و " ما جعل عليكم في الدين من حرج " ، و " فاتقوا الله ما استطعتم " ، و " فاقرأوا ما تيسر من القرآن " ، و " لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " ، وغير ذلك . في تفسير ( الإكليل ) للعلامة السيوطي قوله تعالى : " يريد الله بكم اليسر " هذا أصل لقاعدة عظيمة تبنى عليها فروع كثيرة ، وهي أن المشقة تجلب التيسير وهي إحدى القواعد الخمس التي يبنى عليها الفقه ، وتحتها من القواعد قاعدة ( الضرورات تبيح المحظورات ) ، وقاعدة ( إذا ضاق الأمر اتسع ) . ومن الفروع ما لا يحصى كثيرة ، والآية أصل في جميع ذلك ، وقد يستدل بالآية على أحد الأقوال في مسألة تعارض المذاهب والروايات والاحتمالات هل يأخذ بالأخف ، أو بالأقوى أو بأيهما شاء . وفي تفسير ( ترجمان القرآن بلطائف البيان ) عن أبي قتادة ( مرفوعا ) : إن خير دينكم أيسره ، ( رواه أحمد ) [1] . وعن أبي عروة ( مرفوعا ) : إن دين الله في يسر ( رواه أحمد ، وابن مردويه ) . وعن أنس بن مالك ( مرفوعا ) : يسروا ولا تعسروا ، وسكنوا ولا تنفروا ( رواه أحمد ، والشيخان ، والطبراني ، والنسائي ) ، ( وهكذا في كنز العمال ) . وعن معاذ ، وأبي موسى الأشعري ( مرفوعا ) : حين بعثهما إلى اليمن بشرا ولا تنفرا ويسرا ، ولا تعسرا ( رواه الشيخان ، وأحمد في مسنده ، والبيهقي ) . وأخرج البزار ، والطبراني ، وابن حبان عن ابن عباس عن النبي ( ص ) إن الله يحب أن يؤتى رخصة كما يحب أن تؤتى عزيمة . وأخرج أحمد ، والبزار ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والطبراني في الأوسط ، والبيهقي عن ابن عمر قال ، قال رسول الله ( ص ) : إن الله يحب أن تؤتى رخصة كما لا يحب أن