نام کتاب : المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 209
فإن « الغلاة » يتوهمون أن الذنب إذا صدر من العبد كان نقصا في حقه لا ينجبر حتى يجعلوا من لم يسجد لصنم أفضل منه . وهذا جهل ، فإن المهاجرين والأنصار الذين هم أفضل هذه الأمة هم أفضل من أولادهم وغير أولادهم ممن ولد على الإسلام ، وإن كانوا في أول الأمر كفار يعبدون الأصنام ، بل المنتقل من الضلال إلى الهدى يضاعف له الثواب كما قال تعالى : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } [ 70 / 25 ] فالله سبحانه أفرح بتوبة عبده من الذي طلب راحلته في الأرض المهلكة ثم وجدها فإذا كانت التوبة بهذه المثابة كيف لا يكون صاحبها معظما ؟ وقد وصف الإنسان بالظلم والجهل ، وجعل الفرق بين المؤمن والكافر والمنافق أن المؤمن يتوب فيتوب الله عليه إذ لم يكن له بد من الجهل فقال تعالى : { وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } [ 73 / 33 ] و « خير الخطائين التوابون » و « كل بني آدم خطاؤون » . وقد ذكر الله الذين وعدهم الحسنى فلم ينف عنهم الذنوب فقال تعالى : { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } إلى قوله : { لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا } [ 33 - 35 / 39 ] فذكر المغفرة والتكفير ، وقال تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } [ 16 / 46 ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : « لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله » قالوا : ولا أنت ؟ قال : « ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل » . واعلم أن كثيرا من الناس يسبق إلى ذهنه من ذكر الذنوب الزنا والسرقة ونحو ذلك فيستعظم أن كريما يفعل ذلك ، ولا يعلم هذا المسكين أن أكثر عقلاء بني آدم لا يسرقون ؛ بل ولا يزنون حتى في
209
نام کتاب : المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 209