نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 93
شيئان يشتبهان بجميع أعراضها اشتباها تاما من وجه يعلم هذا من تدبر اختلاف الصور واختلاف الهيئات وتباين الأخلاق وإنما يقال هذا الشئ يشبه هذا على معنى أن ذلك في أكثر أحوالهما لا في كلها ولو لم يكن ما قلنا ما فرق أحد بينهما البتة وقد علمنا بالمشاهدة أن كل من يتكرر عليه ذلك الشيئان تكررا كثيرا متصلا أنه لا بد أن يفصل بينهما وأن يميز أحدهما من الثاني وأن يجد في كل واحد منهما أشياء بان بها عن الآخر لا يشبهه فيها فصح بهذا أنه لا سبيل إلى وجود شخصين يتفقان في أخلاقهما كلها حتى لا يكون بينهما فرق في شئ منها وقد علمنا بيقين أن الأخلاق محمولة في النفس فصح بهذا أن نفس كل ذي نفس من الأجساد من أي نوع كانت غير النفس التي في غيره من الأجساد كلها ضرورة وقال أيضا بعض من ذهب إلى التناسخ من الحاملين ذلك على سبيل الجزاء أن الله تعالى عدل حكيم رحيم كريم فإذ هو كذلك فمحال أن يعذب من لا ذنب له قال فلما وجدناه تعالى يقطع أجسام الصبيان الذين لا ذنب لهم بالجدري والقروح ويأمر بذبح بعض الحيوان الذي لا ذنب له وبطبخه وأكله ويسلط بعضها على بعض فيقطعه ويأكله ولا ذنب له علمنا أنه تعالى لم يفعل ذلك إلا وقد كانت الأرواح عصاة مستحقة للعقاب بكسب هذه الأجساد لتعذب فيها قال أبو محمد رضي الله عنه تعالى عنه وقد تكلمنا على إبطال هذا الأصل الفاسد في غير هذا المكان على البراهمة في كتابنا هذا بما يكفي وقد رددنا الكلام أيضا في بيان بطلانه في غير ما موضع من كتابنا وفي باب الكلام على من أبطل القدر من المعتزلة في كتابنا هذا والحمد الله رب العالمين ويكفي من بطلان هذا الأصل الفاسد أن يقال لهم ان طردتم هذا الأصل وقعتم في مثل ما أنكرتم ولا فرق وهو أن الحكيم العدل الرحيم على أصلكم لا يخلق من يعرضه للمعصية حتى يحتاج إلى افساده بالعذاب بعد اصلاحه وقد كان قادرا على أن يطهر كل نفس خلقها ولا يعرضها للفتن ويلطف بها ألطافا فيصلحها
93
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 93