نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 83
والهوام والحشرات والألوان لا تقول سبحان الله بالسين والباء والحاء والألف والنون واللام والهاء هذا ما لا يشك فيه من له مسكة عقل فإلا شك في هذا فباليقين علمنا ان التسبيح الذي ذكره الله تعالى هو حق وهو معنى غير تسبيحنا نحن بلا شك فإذ لا شك في هذا فإن التسبيح في أصل اللغة وهو تنزيه الله تعالى عن السوء فإذ قد صح هذا فإن كل شيء في العالم بلا شك منزه لله تعالى عن السوء الذي هو صفة الحدوث وليس في العالم شيء إلا وهو دال بما فيه من دلائل الصنعة واقتضائه صانعا لا يشبه شيئا مما خلق على أن الله تعالى منزه عن كل سوء ونقص وهذا هو الذي لا يفهمه ولا يفقهه كثير من الناس كما قال تعالى « ولكن لا تفقهون تسبيحهم » فهذا هو تسبيح كل شيء بحمد الله تعالى بلا شك وهذا المعنى حق لا ينكره موحد فإن كان قولنا هذا متفقا على صحته وكانت الضرورة توجب أنه ليس هو التسبيح المعهود عندنا ففقد ثبت قولنا وانتفى قول من خالفنا بطنه الكاذب وأيضا فإن الله تعالى يقول « وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم » والكافر الدهري شيء لا يشك في أنه شيء وهو لا يسبح بحمد الله تعالى البتة فصح ضرورة أن الكافر يسبح إذ هو من جملة الأشياء التي تسبح بحمد الله تعالى وأن تسبيحه ليس هو قوله سبحان الله وبحمده بلا شك ولكنه تنزيه الله تعالى بدلائل خلقه وتركيبه عن أن يكون الخالق مشبها لشيء مما خلق وهذا يقين لا شك فيه فصح بما ذكرنا أن لفظة التسبيح هي من الأسماء المشتركة وهي التي تقع على نوعين فصاعدا وأما السجود الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في قوله « ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها » فقد علمنا أن السجود المعهد عندنا في الشريعة واللغة هو وضع الجبهة واليدين والركبتين والرجلين والأنف في الأرض بنية التقرب بذلك إلى الله تعالى وهذا ما لا يشك فيه مسلم وكذلك نعلم ضرورة لا شك فيها أن الحمير والهوام والخشب والحشيش والكفار لا تفعل ذلك لا سيما من ليس له هذه الأعضاء وقد نص تعالى على صحة ما قلنا وأخبر
83
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 83