responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 70


فقولوا أنه ليس حكيما من خلق دلائل لمن يدري أنه لا يستدل بها فإن قالوا أنه قد استدل بها كثير قيل لهم وقد صدق الرسل أيضا كثير فإن قالوا أنه خلق الخلق كما شاء قيل لهم وكذلك بعث الرسل أيضا كما شاء فبعثته تعالى الرسل هي بعض دلائله التي خلقها تعالى ليدل بها على المعرفة به تعالى وعلى توحيده ويقال لمن احتج بالحجة الثانية من أن الأولى به أنه كان يضطر العقول إلى الإيمان به إن هذا قول مرذول مردود عليكم في قولكم إن الله عز وجل خلق الخلق ليدلهم بهم نفسه ووحدانيته فيلزمكم على ذلك الأصل الفاسد أنه كان الأولى إذ خلقهم أن لا يدعهم والاستدلال وقد علم أن فيهم من لا يستدل وأن فيهم من يغمض عليه الاستدلال فكان الأولى في الحكمة أن يضطر عقولهم إلى الإيمان به ولا يكلفهم مؤنة الاستدلال وأن يلطف بهم ألطافا يختار جميعهم معها الإيمان كما فعل بالملائكة قال أبو محمد رضي الله عنه وملاك هذا كله ما قد قلناه في غير موضع من أن الخلق لما كانوا لا يقع منهم فعل الا لعلة ووجب بالبراهين الضرورية أن الباري تعالى بخلاف جميع خلقه من جميع الجهات وجب أن يكون فعله لا لعلة بخلاف أفعال جميع الخلق وأنه لا يقال في شيء من أفعاله تعالى أنه فعل كذا لعلة ولا إذ جاء الإنسان بالنطق وحرمه سائر الحيوان وخلق بعض الحيوان صائدا وبعضه مصيدا وباين بين جميع مفعولاته كما شاء فليس لأحد أن يقول لم خلق الإنسان ناطقا وحرم الحمار النطق وجعل الحجر جامدا لا حياة له ولا نطق وهذا أصل قد وافقنا البراهمة عليه وسائر من خالفنا من تفريع هذا المعنى ممن يقول بالتوحيد وهكذا إذا بعث تعالى الأنبياء ليس لأحد أن يقول لم بعثهم أو لم بعث هذا الرجل ولم يبعث هذا الآخر ولا لم بعثهم في هذا الزمان دون غيره في الأزمنة ولا لم بعثهم في هذا المكان دون غيره من الأمكنة كما لا يقال لم حباه بالسعد في الدنيا دون غيره وهكذا كل ما في العالم إذا نظر فيه تعالى الذي لا يسأل عما يفعل وهو يسألون

70

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست