نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 6
إذا تظاهر عنده بمخبر آخر وآخر صدقه وسكن إلى ذلك ومنها علمه بأنه لا يكون شيء إلا في زمان فإنك إذا ذكرت له أمرا ما قال متى كان وإذا قلت له لم تفعل كذا وكذا قال ما كنت أفعله وهذا علم منه بأنه لا يكون شيء مما في العالم إلا في زمان ويعرف أن للأشياء طبائع وماهية تقف عندها ولا تجاوزها فتراه إذا رأى شيئا لا يعرفه قال أي شيء هذا فإذا شرح له سكت ومنها علمه بأنه لا يكون فعل إلا لفاعل فإنه إذا رأى شيئا قال من عمل هذا ولا يقنع البتة بأنه العمل دون عامل وإذا رأى بيد آخر شيئا قال من أعطاك هذا ومنها معرفته بأن في الخبر صدقا وكذبا فتراه يكذب بعض ما يخبر به ويصدق بعضه ويتوقف في بعضه هذا كله مشاهد من جميع الناس في مبدأ نشأتهم قال أبو محمد فهذه أوائل العقل التي لا يختلف فيها ذو عقل وها هنا أيضا أشياء غير ما ذكرنا إذا فتشت وجدت وميزها كل ذي عقل من نفسه ومن غيره وليس يدري أحد كيف وقع العلم بهذه الأشياء كلها بوجه من الوجوه ولا يشك ذو تمييز صحيح في أن هذه الأشياء كلها صحيحة لا امتراء فيها وإنما يشك فيها بعد صحة علمه بها من دخلت عقله آفة وفسد تمييزه أو مال إلى بعض الآراء الفاسدة فكان ذلك أيضا آفة دخلت على تمييزه كالآفة الداخلة على من به هيجان الصفراء فيجد العسل مرا ومن في عينه ابتداء نزول الماء فيرى خيالات لا حقيقة لها وكسائر الآفات الداخلة على الحواس قال أبو محمد فهذه المقدمات التي ذكرناها هي الصحيحة التي لا شك فيها ولا سبيل إلى أن يطلب عليها دليلا إلا مجنون أو جاهل لا يعلم حقائق الأشياء ومن الطفل أهدى منه وهذا أمر يستوي في الإقرار به كبار جميع بني آدم وصغارهم في أقطار الأرض إلا من غالط حسه وكابر عقله فيحلق بالمجانين لأن الاستدلال على الشيء لا يكون إلا في زمان ولا بد ضرورة أن يعلم ذلك بأول العقل لأنه قد علم بضرورة العقل أنه لا يكون شيء مما في العالم إلا في وقت وليس بين أول أوقات تمييز النفس في هذا العالم وبين
6
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 6