نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 43
مختارا لكل ذلك وحين شاء لا علة لشيء من ذلك إذ قدمنا أن ما حصرته الطبيعة فهو متناه والمتناهي محدث على قدمنا من أن يكون ذا قوى أو فاعلا بآلات أو فاعلا باستحالة أو فاعلا في أشياء لأن هذا كله يقتضي أن يكون محدثا تعالى الله عن ذلك وهو لم يزل فقد وجب ضرورة أن يكون الباري تعالى يفعل ما يشاء من مختلف ومتفق مختارا دون علة موجبة عليه شيئا من ذلك ولا بقوة هي غيره وبالله تعالى التوفيق وكل ما ألزمنا من يقول أن العالم لم يزل من البراهين الضرورية فهو لازم للمنانية والديصانية والمزقونية والقائلين بأزلية الطبائع والهيولي لأن العالم عند هؤلاء ليس هو شيئا غير تلك الأصول التي لم تزل عندهم وإنما حدثت فيهم عندهم الصورة فقط ويدخل أيضا عليهم القول يتناهي الأصلين لأنهما عندهم جسمان والجسم متناه ضرورة لبرهانين نوردهما إن شاء الله تعالى وذلك أننا نقول لا يخلو كل جرم من الأجرام من أن يكون متحركا أو ساكنا فإن كان متحركا أو ساكنا فإن كان متحركا فقد علمنا أن المسافة التي لا تتناهى لا تقطع أصلا لا في زمان متناه ولا في زمان غير متناه ثم لا تخلو حركته من أن تكون أما باستدارة وأما إلى جهة من الجهات ولا ثالث لهذين الوجهين فإن كان متحركا باستدارة وهو غير متناه فهذا محال لأن الخطين الخارجين من الوسط إلى المشرق وإلى العلو غير متناهين إذن فكان يجب أن يكون الجزء الذي في سمت المشرق منه لا يبلغه إلى العلو الذي هو سمت الرأس منه أبدا فقد بطلت الحركة على هذا فهذا إذن متحرك لا متحرك وهذا محال مع مشاهدة العيان لقطع كل جزء من الفلك الكلي جميع مسافته ورجوعه إلى حيث ابتدأ منه في كل أربع وعشرين ساعة وإن كان متحركا إلى جهة من الجهات فهذا أيضا محال لأن الحركة نقلة من مكان إلى مكان فإذا وجد هذا الجسم مكانا ينتقل إليه لم يكن فيه قبل ذلك فقد ثبتت النهاية له ضرورة لأن وجوده غير كائن في المكان الذي انتقل إليه موجب لانقطاعه قبله وإن كان لم يزل في المكان الذي انتقل إليه وهكذا فيما بعده من الأمكنة فلم
43
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 43