نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 20
أسوة له في تناقض خصمه بل لعل خصمه لا يقول ذلك الثاني أن المسؤول بها إن كان جهميا سقط عنه هذا السؤال المذكور وأما نحن فعلينا بحول الله تعالى بيان فساد هذا الاعتراض وتمويهه فنقول وبالله التوفيق إن من شغب أهل السفسطة إدخال كلمة لا يؤبه لها يجعلونها مقدمة وهي كذب فيموهون بها على الجهال وما يبنون عليها وهذا الاعتراض من هذا الباب وذلك أنهم أرادوا إلزامنا بأن الله عز وجل وعد أهل الجنة أن يوفيهم نعيما لا نهاية له وهذا خطأ وكذب وما وعدهم الله عز وجل قط بأن يوفيهم ذلك النعيم ولو وعدهم بذلك لكان ذلك النعيم إذا استوفى بطل وفنى وانقضى وإنما وعدهم تعالى بنعيم لا نهاية له وكل ما ظهر ووجد من ذلك النعيم فهو محصور ذو نهاية وما لم يخرج إلى حد الفعل فهو عدم بعد ولا يقع عليه عدد ولا صفة وهكذا أبدا فقد ظهر أن لفظه يوفيهم هي الشغيبة الفاسدة التي موهوا بها فإذا أسقطها المعترض من كلامه سقط اعتراضه جملة وصحت القضية وبالله التوفيق فإن قال قائل إن الله تعالى يقول وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص قلنا هذا لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما إما أن يكون أراد بذلك نصيبهم من الجزاء ويكون أراد نصيبهم من مساحة الجنة فإن كان عنى عز وجل بذلك نصيبهم من الجزاء بالعقاب والنعيم فهو صحيح لأن كل ما خرج من ذلك إلى حد الوجود فهو مستوفى بيقين وهكذا أبدا وإن كان تعالى عنى بذلك نصيب كل واحد من الجنة والنار فهذا صحيح لأن كل مكان منها متناه من جهة المساحة وإنما نفينا التوفية التي توجب الانقضاء بلا زيادة فيها وقد قال عز وجل فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وقال تعالى « إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب » وهاتان الآيتان تبينان أن الأجر المستوفى هو ما يعطونه من مساحة الجنة وكل ما خرج إلى الوجود من النعيم ثم لا يزال تعالى يزيدهم من فضله كما قال تعالى « بغير حساب » فهذا
20
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 20